هذا الاختيار الثالث وهو أن يختار الدية أو القصاص أو أن يختار أكثر من الدية ذهب الحنابلة إلى أنّ لأولياء المقتول أن يختاروا أكثر من الدية واستدلوا على هذا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إن شاءوا قتلوا وإن شاءوا أخذوا الدية وما اصطلحوا عليه فهو لهم. وهو حديث صحيح.
الدليل الثاني: أنّ الشارع متشوف لحقن الدماء والعفو.
الثالث: أنّ هذا مروي عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني الأخذ أكثر من الدية.
والقول الثاني: أنه ليس له إلاّ أن يقتص أو يأخذ الدية فقط واستدل أصحاب هذا القول بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس له إلاّ أن يقتص أو يعفو أو يأخذ الدية فإنّ اختار الرابعة فخذوا على يده. [أي ولي الدم] ماذا بقي؟ أن يأخذ أكثر من الدية وهذا الحديث ضعيف. من وجهين:
الوجه الأول: أنه ضعيف لضعف إسناده.
الوجه الثاني: أنه يخالف متن الحديث السابق وهو أصح منه وهذا يشعر بالنكارة في المتن لمخالفته الأحاديث التي هي أصح منها وربما نضيف وجها ثالثا: وهو مخالفته لعمل الصحابة. ولهذا نقول إن شاء الله الراجح كما هو عليه العمل الآن أنه لهم أن يأخذوا أكثر من الدية ولو بأضعاف مضاعفة.
قال - رحمه الله - (وإن اختارها)
يعني فليس له غيرها إذا اختار الدية فإنه لا يتمكن من الرجوع إلى القصاص لأنه يكون رجع من الأدنى إلى الأعلى وإنما أجزنا له أن يرجع من القصاص إلى الدية لأنه رجوع من الأعلى إلى الأدنى فإذا اختار الدية انتهى الأمر وليس له أن يرجع بل يلزم بأخذ الدية مهما كان الأمر.
قال - رحمه الله - (أو عفا مطلقا)
يقول الشيخ فليس له غيرها يعني إذا عفا مطلقا فله الدية فإذا قال ولي الدم عفوت عنك ما نقول قوله عفوت عنك يعني عن القصاص والدية. بل نقول عليك الدية لماذا؟ لأنّ العفو المطلق ينصرف إلى القصاص لأنه المقصود الأعظم وعلى هذا عمل الناس فإذا قال عفوت يقصد عن القصاص وإذا أراد أن يعفو عن القصاص والدية فهو يؤكد هذا ويقول عفوت مجانا أو عفوت بلا مقابل ويؤكد هذا المعنى أما كلمة عفوت فبلا إشكال أنها لا تتناول الدية لأنّ المقصود الأعظم هو العفو عن القصاص.