الدية حالة في مال الجاني ولا تؤجل كما في العمد فكما في الخطأ وشبه العمد وسيأتينا الكلام عنها. تكون حالة لما تقدم أنّ التأجيل في الخطأ وشبه العمد كان لمعنى المراعاة للعاقلة حيث أنّ العاقلة هذا إحسان منهم وصلة كما أنّ فيه مراعاة للجاني لأنه لا قصد له في الجناية وهذان المعنيان مفقودان في العمد لأنّ الذي يدفع هو الجاني وليس العاقلة ولأنه قصد إيقاع الجناية ولم تقع منه خطأ ولهذا تكون حالة.
قال - رحمه الله - (وشبه العمد)
شبه العمد تكون الدية على العاقلة وإلى هذا ذهب الحنابلة والمالكية والشافعية. واختاره أيضا ابن المنذر وهو مذهب الجمهور واختيار بعض المحققين. واستدلوا على هذا بأنّ في قصة الهذليتين أنّ إحداهما رمت بحجر على بطن الأخرى فقتلت الأخرى وما في بطنها فقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدية على العاقلة وهذا الحديث صحيح وإشكال فيه. فالقتل الذي في هذا الحديث هو من باب شبه العمد لماذا؟ لأنه لا قصد وأن يكون بآلة لا تقتل غالباً , فالحجر هل يقتل غالبا؟ لا يقتل غالبا فإذا تبيّن أن الجناية في الحديث شبه عمد ومع ذلك جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الدية على العاقلة.
والقول الثاني: للأحناف ومال إليه ابن القيم أنّ الدية في مال الجاني في شبه العمد واستدل على هذا بأنّ شبه العمد يشترك مع العمد في ماذا؟ في القصد فناسب أن تكون الدية على الجاني لا على العاقلة, وكلامه وجيه لولا النص الصحيح الذي جعل الدية على العاقلة ولهذا نقول الراجح إن شاء الله مذهب الجمهور.
قال - رحمه الله - (والخطأ)
أيضا الدية فيه على العاقلة وهذا محل إجماع لم يختلفوا فيه ولله الحمد إنما الاختلاف في شبه العمد.
يقول - رحمه الله - (على عاقلته)
سيخصص المؤلف باب كامل للعاقلة سيأتينا من هم العاقلة ولماذا سموا بهذا؟ وكيف تجعل عليهم الدية لكن الذي يعنينا الآن أنّ الدية على العاقلة مؤجلة إجماعاً والتأجيل لمدة ثلاث سنوات , والدليل على هذا أنهم حكم به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -
وأيضا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فالدية مؤجلة بالنسبة للقتل الخطأ وشبه العمد.