القول الرابع والأخير: أنّ الأصل في الدية الإبل فقط. واستدل هؤلاء بدليلين: الدليل الأول: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقوّم الديات على أهل البوادي بالإبل. فإن غلت رفعها وإن رخصت نقصها. ففي الحديث الدلالة الصريحة على أنّ القيمة تعرف بقيمة الإبل.
الدليل الثاني: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خطب في مكة ذكر أنّ دية الخطأ مائة من الإبل.
حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. حديث فيه اختلاف لكن يظهر لي الآن أنه إسناده حسن والراجح القول الأخير وإن كنت أقول إنّ هذه المسألة فيها إشكال وفي الأقوال قوة لاسيما القول قبل الأخير وهو اعتبار البقر والغنم والذهب والفضة ففيه قوة واضحة جدا. أما الغنم والبقر والحلي ففي القول بها ضعف لكن الخلاف في الحقيقة يدور بين الأصناف الثلاثة. فأقول مع كون الراجح القول الأخير إلاّ أنّ المسألة قوية وفيها احتمال وليست من الوسائل التي يكون فيها الراجح واضحا ظاهرا.
ثم - قال رحمه الله - (فأيها أحضر من تلزمه لزم الولي قبوله)
إذا أحضر الجاني الدية من أي صنف من الأصناف الخمس فإنه يلزم الولي أن يقبل لأنها أصول وليس له أن يرفض ويشترط الإبل أو الغنم أو البقر ولو كان الجاني من أهل صنف يختلف عن الصنف الذي أعطاه ولو كان المجني عليه من أهل صنف يختلف عن الصنف الذي أخذه. يعني إذا كان الجاني رجل يملك الإبل ودفع الدية من الفضة فيلزم ولي المجني عليه القبول أو لا يلزمه؟ يلزمه.