والقول الثاني: أنّ التغريب عقوبة تعزيرية وأنّ الحد هو الجلد فقط. واستدل هؤلاء بأنّ الصحابة غربوا تعزيرا , واستدلوا بدليل آخر وهو أنّ الآية لم يذكر فيها التغريب أنّ الآية فيها الجلد دون التغريب. وهذا القول ضعيف والأحاديث ظاهرة جدا ولا يمكن العدول عنها مطلقا ولو لم يذكر في الآية فإنّ السنة جاءت مكملة للقرآن ومبيّنة له ومفصلة لأحكامه.
مسألة / نص عبارة المؤلف أنّ المرأة كذلك ولذلك قال - رحمه الله - (ولو امرأة)
يعني تغرّب ولو كانت امرأة وإلى هذا أيضا ذهب الجمهور لعموم الأدلة وهو أمر واضح.
والقول الثاني: أنه لا تغريب على المرأة لأنّ المرأة إذا غرّبت خشي أن تقع في الزنا مرة أخرى لاسيما مع البعد عن عصبتها ومحارمها.
والقول الثالث: أنها تغرّب كالرجل إلاّ إن خيف عليها الفتنة , والراجح إن شاء الله القول الأخير إلاّ أنه ينبغي أن تحمل المرأة جميع النفقات التي ترتب على ما يستدعي الأمن عليها فمثلا نفقة المحرم الذي يصونها وما يتعلق به من نفقات السفر والسكن والأكل كلها تحمل على هذه الزانية ولا تحمل على بيت المال على الصحيح من قولي الفقهاء. فإذا نغرّبها كما في النصوص ونلزمها بما يترتب على الأمن من فتنتها في مالها. فإذا لم نتمكن من ذلك لعدم وجود المحارم أو لرفض المحارم السفر معها وغلب على الظن أنها إن سافرت ستقع في الفتنة فالشرع جاء بتحصيل المصالح ودفع المفاسد فلا تغرّب.
ثم - قال رحمه الله - (والرقيق خمسين جلدة)
الرقيق عليه نصف ما على الحر فيجلد خمسين جلدة لقوله تعالى {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب}[النساء/٢٥] ولأنّ الصحابة أفتوا في أبواب كثيرة بأنّ العبد على النصف من الحر.
ثم - قال رحمه الله - (ولا يغرّب)
العبد لا يغرّب وإنما يكتفى فيه بحد الجلد واستدلوا على هذا بدليلين: الأول" أنّ تغريبه يضر بسيده ويمنع عنه منافعه.
الثاني: ما جاء في حديث أبي هريرة أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا زنت أمة أحدكم فاجلدوها , ثم إذا زنت فاجلدوها , ثم قال في الثالثة أو في الرابعة شك الراوي فإن زنت فبيعوها ولو بضفير. ففي الحديث لم يذكر التغريب وإنما ذكر الحد وهو الجلد فقط.