للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: القياس على الزنا عند من يرون أنّ ماعز أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقبول رجوعه.

والقول الثاني: أنّ الإقرار لا يمكن الرجوع فيه ولا يقبل من صاحبه الرجوع لأنه ليس في الأدلة ما يدل على قبول الرجوع ممن اعترف ولأنّ هذا قد يؤدي إلى تعطيل الحدود لأنه كلما اعترف إنسان لقن الرجوع ثم يرجع ولا يقام الحد والمسألة فيها احتمال كبير والقول الذي عليه الجمهور كما قلت لكم في الزنا قول قوي وهو أنه الرجوع عن الإقرار يعتبر ويدرأ به الحد وذلك لوجود عدد كبير من الآثار عن علي وعثمان وبعضها مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن المرفوع قد لا يصح لكن الآثار كثيرة جدا ولم أتمكن من الوقوف على أسانيدها لكنها كثيرة بشكل ملفت للانتباه وهو أنهم رأوا - رضي الله عنهم - أنّ الحد يدرأ بالشبهة وأحيانا يكتفون بشبهة بسيطة جدا وروي عن بعضهم تلقين الرجوع عن الإقرار لكن كما قلت لم أقف على صحة هذا الإسناد. فروي عن علي أنه أوتي بسارق. فقال له أسرقت؟ قل لا. وروي عن عثمان أنه جيء بزاني فقال له أزنيت؟ قل لا. فمثل هذه الآثار والمطلع على مجموع الآثار يقوم عنده ظن قوي أنّ هذا موجود بين الصحابة وهو درء الحدود بالشبهات ولو قيل أنه يختلف باختلاف المجرم أو من أتى بجناية فأحيانا ينبغي أن يقبل منه وأحيانا أن لا يقبل لكان هذا أيضا له وجه.

قال - رحمه الله - (وأن يطالب المسروق منه بماله)

الشرط السادس لإقامة الحد أن يطالب المسروق منه بماله بأن يأتي إلى القاضي ويطلب استرداد المال فإن اعترف السارق أو شهد عليه شاهدان ولم يطلب المسروق منه ماله فلا يقام الحد لأنّ الحد أقيم لحق الله ومراعاة للمسروق منه ولأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع رجلا بطلب المسروق منه.

والقول الثاني: أنه لا يشترط أن يطالب بماله بل إذا ثبت بالأدلة الشرعية أنه سرق أقيم عليه الحد وإلى هذا ذهب عدد من المحققين منهم ابن المنذر ومنهم شيخ الإسلام وغيرهم - رحمهم الله - أنه لا يشترط أن يطالب المسروق منه بماله بل متى ثبتت السرقة أقيم الحد وهذا القول هو الراجح.

قال - رحمه الله - (وإذا وجب القطع قطعت يده اليمنى من مفصل الكف وحسمت)

<<  <  ج: ص:  >  >>