إذا استوفت الجناية الشروط السابقة فإنّ السارق تقطع يده اليمنى من مفصل الكف ولا خلاف في هذا وهو أنه يبدأ باليمنى وتقطع من مفصل الكف وقد اتفقوا على البداية باليمنى. ثم إذا سرق مرة أخرى وهذا لم يذكره المؤلف ولعله تركه لندرته وإلاّ فهو مهم في الحقيقة ثم إذا سرق مرة أخرى فإنها تقطع رجله اليسرى روي هذا عن الصحابة وفيه حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال تقطع اليد اليمنى ثم الرجل اليسرى. وهذا الحديث لا يسلم إسناد من أسانيده من ضعف إلاّ أنه يتقوى بمجموع الطرق فيما يبدوا لي
ويصل إلى الحسن.
القول الثاني: أنه إذا قطعت يده اليمنى ثم سرق مرة أخرى تقطع يده اليسرى لقوله تعالى {فاقطعوا أيديهما}[المائدة/٣٨] وهذا القول ضعيف جدا أولا مخالف للآثار وثانيا مخالف للحديث الذي يمكن تحسينه. وثالثا لا ينسجم بطبيعة الشرع بأنه يقيم الحدود بما لا يخل بالمقاصد الأساسية. والإنسان إذا قطعت منه اليدين أصبح عاجز عن أداء مهامه.
مسألة / إذا سرق الثالثة عند الحنابلة لا يقطع منه شيء وإنما يحبس حتى يتوب. ودليل الحنابلة أنه روي عن علي أنه أوتي بالثالثة يعني بسارق سرق المرة الثالثة فحبسه ولم يقطع منه شيئا.
والقول الثاني: وهو مذهب الجمهور أنه إذا قطعت في المرة الثانية الرجل اليسرى تقطع في الثالثة اليد اليسرى وبالرابعة الرجل اليمنى.
واستدل الجمهور على أنّ هذا صح عن أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - واستدلوا أيضا بحديث أبي هريرة أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقطعه على هذا التوالي وهذا الحديث أيضا يمكن تحسينه والراجح إن شاء الله مذهب الجمهور وهو الذي جنى على نفسه بتكرار السرقة وإذا قطعت منه الأربع في الغالب لن يسرق. ولا لا لأنه ما يستطيع أن يسرق لأنه انتهى الجوارح فإن سرق قتل لأنه تبيّن أنّ هذا فاسد الطبع لا يمكن كف شره إلاّ بالقتل ويقتل تعزيرا في المرة الخامسة.
يقول - رحمه الله - (وحسمت)
ظاهر عبارة المؤلف أنّ الحسم واجب والحسم هو أن تغمس اليد في الزيت الحار لتمتلئ العروق من الزيت فينحبس الدم.