القسم الثالث: قوم من أهل العدل لهم شبهه وتأويلات سائغة خرجوا على الإمام بشوكة وقوة فهؤلاء هم المقصودون بهذا الباب وهم البغاة. قال شيخ الإسلام [والفرق بين الخوارج والبغاة من وجهين: الوجه الأول: أنّ الخوارج يقاتلون ابتداء ويفرح بقتالهم فإنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فرح واستبشر بأنه هو الذي تولى قتال الخوارج بحث النبي - صلى الله عليه وسلم - على قتلهم. بينما البغاة سيأتينا أنهم لا يبدأون بالقتال إلاّ بعد أحكام معينة.
الفرق الثاني" أنّ البغاة من المسلمين بالإجماع , بينما الخواج اختلف السلف والخلف في تكفيرهم فمنهم من رأى أنهم خرجوا عن الدين ومنهم من رأى أنهم من المسلمين وهذا فرق كبير بينهم وبين البغاة. فإنّ البغاة لم يختلفوا فيهم أهل العلم أنهم من المسلمين] ولهذا فإنّ الخلط بين البغاة والخوارج خطأ وإن كان البغاة والخوارج يجب أن يقاتلوا لكن يجب أن يعرف الإنسان الفرق بين البغاة والخوارج كما ذكرها الشيخ - رحمه الله -
قال - رحمه الله - (وعليه أن يراسلهم فيسألهم ما ينقمون منه فإن ذكروا مظلمة أزالها وإن ادعوا شبهة كشفها)
يجب على الإمام قبل أن يقاتل البغاة أن يسأل عن الشبهة التي أوجبت خروجهم والمظلمة التي يدعون ويجب عليه إذا بينت له أن يسعى في رفع الظلم وكشف الشبهة. والدليل على هذا أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - راسل أهل البصرة مرارا وراسل الخوارج مرارا قبل أن يقاتلهم فدل هذا على وجوب المراسلة قبل البدء بالقتال.
والدليل الثاني: قوله تعالى {فأصلحوا بينهما}[الحجرات/٩] فإنّ الإصلاح يستدعي المراسلة قبل البدء بالقتال وهذا صحيح لا يجوز للإمام أن يقاتلهم حتى يعرف الشبهة التي عندهم فإن أمكنه كشف الشبهة وبيان الحق واقتنعوا فبها ونعمت وإلاّ فإنه كما سيذكر المؤلف يقاتلهم.