للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقول الثاني: أنه يجب أن يبذل لكن ليس مجانا لأنّ المنافع كالأعيان متقومة فيجب أن يبذل ثمنا لهذه المنفعة والراجح فيما يبدوا لي القول الثاني إذ لا معنى لإخراج المال من صاحبه من غير رضاه لأنّ الضرورة تندفع بالشراء ولهذا نقول فإن كان مضطرا لهذه العين ولا يملك ثمنها وجب بذلها مجانا. المؤلف - رحمه الله - يقول (ومن اضطر إلى نفع مال الغير مع بقاء عينه) ولم يبيّن الحكم فيما إذا اضطر إلى

مال الغير الذي لا تبقى عينه مع الانتفاع كالطعام والشراب مع أنه أولى بالبيان من هذه المسألة لأنّ الضرورة إلى الأعيان غالبا ما تكون أعظم من الضرورة إلى المنافع فالحنابلة يرون أنه إذا اضطر الإنسان إلى طعام الغير اضطرارا وكان هذا الغير لا يحتاج إليه فإنه يجب وجوبا أن يبذله فإن منعه المالك منع المضطر فللمضطر أن يقاتله مقاتلة دفع الصائل لكن ليأخذ قدر ما يسد الرمق فقط وهذا صحيح بدليل أنّ الفقهاء أوجبوا على الإنسان المستطيع أن ينقذ الغريق وهذا أولى من إنقاذ الغريق وبذله أسهل من بذل المنفعة الحاصلة بإنقاذ الغريق.

ثم - قال رحمه الله - (ومن مر بثمر بستان في شجرة أو متساقط عنه ولا حائط عليه ولا ناظر فله الأكل منه مجانا من غير حمل)

المؤلف - رحمه الله - يقول من مر بثمر بستان. أفادنا المؤلف أنه يجوز للإنسان أن يأخذ من الثمار التي يمر عليها لكن بهذه الشروط التي ذكرها المؤلف. الشرط الأول" يقول في شجرة أو متساقط عنه. يعني يأخذ من الشجر أو من المتساقط دون الذي جمعه صاحب البستان أو حازه إلى مخزنه فإنّ هذا لا يجوز.

الشرط الثاني: ولا حائط عليه يشترط أن لا يكون على البستان حائط فإن كان عليه حائط فلا يجوز أن يأخذ.

الثالث: لا ناظر عليه يشترط أن لا يوجد ناظر يقف للحماية.

الشرط الرابع: أن يأكل منه من غير حمل. الدليل استدلوا على هذا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر من مر على حائط فلا حرج أن يأكل غير متخذ لخبنة. وهذا الحديث إسناده ضعيف.

الدليل الثاني: أنّ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا إذا مروا بالبساتين أكلوا بأفواههم ومعلوم أنهم يأكلون بأفواههم ولكن معنى الحديث أنهم لا يأخذون شيئا.

<<  <  ج: ص:  >  >>