للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما استثناء السم فلئن تناول المضطر له لا ينفعه شيء بل يزيده عطبا وهلاكا , وأما إباحة المحرمات عند الضرورة فللنصوص المتكاثرة الدالة على جواز الأكل من المحرمات عند الضرورة كقوله {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} [البقرة/١٧٣] وكقوله {إلا ما اضطررتم إليه} [الأنعام/١١٩] لكن المؤلف قيد هذا بأن لا يشبع منه وإنما يأكل ما يسد الرمق فقط وهذه المسألة محل خلاف أما أكل ما يسد الرمق فهو مباح بالإجماع فهو خارج محل الإجماع. وأما أكل أكثر من هذا وهو إلى الشبع فهو محل الخلاف.

فالحنابلة يرون انه لا يجوز أن يأكل أكثر مما يسد الرمق واستدلوا على هذا بأنّ هذه الأعيان إنما جازت للضرورة والضرورة تقدر بقدرها والضرورة تندفع بأكل ما يسد الرمق.

والقول الثاني: أنه يجوز أن يأكل إلى أن يشبع واستدلوا على هذا بأنّ رجلا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - نفق فرسه فاستفتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال كل حتى تشبع.

والقول الثالث: أنّ الأكل من الميتة ينقسم إلى قسمين: -

القسم الأول: إن ظن أنّ ضرورته ستستمر فله أن يأكل إلى أن يشبع. وإن ظن أنّ ضرورته تنجلي وتنكشف عن قرب فلا يجوز له أن يأكل إلاّ ما يسد الضرورة وإلى هذا القول مال الشيخ الفقيه ابن قدامة وهو قول محرر وصحيح.

ثم - قال رحمه الله - (ومن اضطر إلى نفع مال الغير مع بقاء عينه لدفع برد أو استسقاء ماء ونحوه , وجب بذله له مجانا)

إذا اضطر الإنسان إلى مال غيره لينتفع به مع بقاء عينه كأن يأخذ ثوبا عن البرد أو حبلا ودلوا ليستسقي أو ليسقي به الماء فإنه إذا كان مضطرا وجب على المالك وجوبا أن يبذله ويجب أن يبذله مجانا. والدليل على هذا أنّ الله سبحانه وتعالى ذم الذين يمنعون الماعون وإذا ذم الشارع على منع شيء دل على أنه يجب أن يبذل مجانا.

<<  <  ج: ص:  >  >>