أي إذا كان هذا الحيوان الهارب رأسه في الماء فإنه لا يباح واستدل الحنابلة على هذا بدليلين: الأول: أنه إذا هرب وكان رأسه أثناء الهرب في الماء كما إذا سقط في البئر فإنه يكون مات بسببين بسبب الطعن وبسبب الماء ونحن نقول أنه في كتاب الأطعمة إذا اجتمع مبيح وحاضر فإناّ نغلب الحاضر.
الدليل الثاني: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا وجدت صيدك في الماء فلا تأكل فإنك لا تدري اسهمك قتله أو الماء. فهذان دليلان صريحان فإنه إذا هربت ووجدنا رأسها في الماء بعد الطعن فإنها لا تأكل.
والقول الثاني: أنه إذا كان الجرح موحيا قاتلا مميتا فإنها تجوز ولو كان رأسها في الماء لأناّ علمنا حينئذ أنّ الذي قتلها هو الجرح لا الماء وربما يستأنس بهذا القول بأنّ بعيرا ند عن أهله وسقط في البئر وطعنوه في فخذه وقتلوه واستخرجوه فأكلوا وأكل ابن عمر معهم وجه الإستئناس بهذا الحديث أنه في الغالب الحديث ليس فيه أنّ البعير لما سقط في الماء كان رأسه في الماء هذا لم أجده في رواية لكن يستأنس أنه ربما لما سقط لكان رأسه في الماء لأنّ غالبا سيسقط على رأسه فيكون رأسه هو الذي في الماء فربما يستأنس بهذا الأثر والراجح إن شاء الله هو هذا القول الثاني. متى علمنا أنّ الجرح قاتل وموحي فإنه حلال إن شاء الله لأنه الآن تبيّن لنا أنّ الذي قتله الجرح وليس الماء.
ثم - قال رحمه الله - (الرابع: أن يقول عند الذبح بسم الله)
ذهب الجماهير الأئمة الثلاثة مالك وأحمد وأبو حنيفة. إلى أنه لا يجوز أكل الذبيحة إلاّ إذا سمي عليها واستدلوا على هذا بقوله تعالى {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق}[النساء/٢] واستدلوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل. وهي أدلة صريحة جدا في اشتراط التسمية على الذبيحة لتكون حلالا.
القول الثاني: للإمام الشافعي فالإمام الشافعي يرى أنّ التسمية سنة واستدل على هذا بدليلين: الأول: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذبيحة المسلم حلال وإن لم يسم إذا لم يتعمد. وهذا الحديث الصواب فيه أنه مرسل.