بقي قسم ثالث لم يتطرق إليه المؤلف وهو إذا تركها جهلا فالحنابلة يعذرونه في صورة واحدة وهو إذا تركها سهوا فإن تركها عمدا أو جهلا فإنهم لا يعذرونه وفي هذا يفرقون بين مسائل النسيان ومسائل الجهل وهي من المواضع القليلة جدا في الفقه الذي يفرق فيها بين الجهل والنسيان لأنّ النصوص لم تفرق بينهما , ووجه التفريق عند الحنابلة أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذبيحة المسلم حلال وإن لم يذكر اسم الله إذا لم يتعمد والجاهل تعمد لكنه جاهل بخلاف الناسي فإنه لم يتعمد والصواب إن شاء الله أنّ الجهل والنسيان حكمهما واحد نأتي إلى النسيان وهو مسألة الباب إذا نسي أن يبسمل فذهب الأئمة الأربعة أنه ذبيحته حلال ونحن نقول الأئمة الأربعة لأنّ الشافعي يرى أنها أصلا سنة , واستدلوا على هذا بالنصوص العامة فإنّ الله سبحانه وتعالى رفع المؤاخذة عنه {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}[البقرة/٢٨٦] عفي عن أمتي الخطأ والنسيان. واستدلوا بالنصوص العامة هذا الدليل الأول.
الدليل الثاني: صح عن ابن عباس أنه أجاز ذبيحة المسلم إذا نسي بسم الله هذا بإسناد صحيح.
الثالث: الحديث السابق ذبيحة المسلم حلال وإن لم يذكر اسم الله إذا لم يتعمد قلنا أنه حديث ماذا؟ مرسل. والحديث المرسل يستأنس به بقوة ولاسيما إذا دعمته وقَوَتهُ آثار الصحابة وقد صح عن ابن عباس ما يوافقه.
القول الثاني: وهو مذهب الظاهرية ورواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام أنه إذا نسي فهي ميتة واستدل على هذا بدليلين:
الدليل الأول: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ما أنهر الدم وذكر اسم الله فجعل لجواز الذبيحة شرطين. إنهار الدم وذكر اسم الله ولو نسي أن ينهر الدم لكانت ميتة فكذلك البسملة.