انتقل من التخيير إلى الترتيب فإذا لم يتمكن من الإطعام والكسوة وعتق الرقبة حينئذ ينتقل إذا لم يستطع إلى الصيام ويشترط في الصيام أن يكون متتابعا واستدلوا على هذا بقراءة ابن مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعة وهو بإسناد صحيح واستدلوا أيضا بأنّ أبي بن كعب قرء مثل قراءة ابن مسعود تماما.
والقول الثاني: أنه لا يشترط التتابع فإنّ الله أمر بالصيام فأطلق ولا يمكن أن نقيّد بغير القرآن والراجح إن شاء الله وجوب التتابع في صيام كفارة اليمين فإنّ قراءة ابن مسعود إما أن تكون قراءة من القرآن فهي حجة وإلاّ فلا تنزل عن أن تكون خبر آحاد وخبر الآحاد حجة ولو فرضنا وليس كذلك أنه موقوف على حكمه حكم الموقوف على ابن مسعود فكذلك له حكم الرفع لأنه مما لا مجال للرأي فيه لكنه ليس بموقوف لأنّ ابن مسعود ذكره كقراءة فلا ينزل عن مرتبة المنسوب للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
ثم - قال رحمه الله - (ومن لزمته أيمان قبل التكفير موجبها واحد فعليه كفارة واحدة)
من حلف على أكثر من يمين لكن موجبها والمقصود بموجبها يعني ما توجبه يعني الكفارة فإذا حلف على أيمان كفارتها واحدة هذا معنى كلام المؤلف ولم يكفر فتجزؤه كفارة واحدة. مثاله كأن يقول والله لا أكلم عمروا والله لا آكل خبزا فهاتان يمينان كفارتهما واحدة لأنها يمين كفارة اليمين واحدة. أفادنا المؤلف أنه يكفر كفارة واحدة إذا لم يكفر فالمسألة الأولى أنه إذا كفر فإنه يلزمه كفارة أخرى بلا خلاف فإذا قال والله لا أكلم زيدا والله لا أكلم عمروا ثم كلم زيدا وكفر ثم كلم عمروا فإنه يجب أن يكفر كفارة أخرى بلا خلاف نأتي إلى مسألة ما إذا لم يكفر فالمذهب على أنه كفارة واحدة. لأنها أيمان لها كفارة من جنس واحد فتتداخل قياسا على الحدود. فلو زنا ثم زنا فإنه يقام عليه حد واحد.
والقول الثاني: أنه يجب عليه كفارة لكل يمين كفر عن التي قبلها أو لم يكفر واستدل هؤلاء بأنّ هذه أيمان مختلفة مخرجها مختلف والآية أو جبت في كل عقد يمين كفارة والراجح بوضوح القول الثاني. فيجب عليه كفارات لأنّ هذه أيمان مختلفة.
ثم - قال رحمه الله - (وإن اختلف موجبها كظهار ويمين بالله لزماه ولم يتداخلا)