كذلك مثّل دفع نقمة ولم يمثلّ على جلب نعمة , ولو أنه مثلّ على النوعين لكان أوفى فقوله إن شفى الله مريضي هذا نذر تبرر مطلق ولا معلق؟ معلق. وكذلك إن سلم مالي الغائب فلله علي كذا نفس الشيء.
يقول المؤلف - رحمه الله - في بيان الحكم (فوجد الشرط لزمه الوفاء به)
عرفنا من هذا أنّ بعض أنواع النذر يخير وبعض أنواع النذر يلزم بالكفارة وبعض أنواع النذر يلزم بالوفاء ولزوم الوفاء بنذر التبرر ينقسم إلى قسمين: إن كان في طاعة أصلها واجب في الشرع فهو واجب إجماعا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - من نذر أن يطيع فليطعه. وإن كان التزاما لأمر لم يجب لأصل الشرع كالاعتكاف وزيارة المريض والصدقة ونحوها فإنه والحالة هذه يجب عند الجماهير لكن ذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا يجب لأنه لم يجب بأصل الشرع فلا يجب بالنذر وهذا القول الثاني ضعيف جدا لأنه مخالف لنص الحديث بلا مبرر فإنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول من نذر أن يطيع الله فليطعه. ولم يفرق بين أنواع النذر والوجوب في النذر مستفاد من النذر لا من الأدلة الدالة على وجوب العبادات في أصل الشرع.
ثم - قال رحمه الله - (إلا إذا نذر الصدقة بماله كله)
لما قرر وجوب الوفاء بالنذر أراد أن يبيّن المستثنيات , المستثنى الأول: أن ينذر التبرع بماله كله هذه المسألة اختلف فيها الفقهاء على نحو عشرة مذاهب: يعني الإنسان لا يتصور أن يكون في هذه المسألة هذه المذاهب. لكنهم اختلفوا على القدر نحن نذكر الأقوال القوية من هذه العشر:
القول الأول: أنه لا يجب عليه أن يوفي بنذره , وإنما يحب عليه أن يخرج الثلث واستدلوا بأنّ أبا لبابة - رضي الله عنه - نذر أن يتصدق بماله كله فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يجزيك الثلث.
الدليل الثاني: أنّ كعب - رضي الله عنه - لما جاءت توبته قال لله علي نذر أن أتصدق بمالي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أبق عليك بعض مالك. وهذا في الصحيحين والأول ضعيف.
القول الثاني: أنه يجب عليه أن يوفي بما نذر وأن يتصدق بجميع ماله لعموم من نذر أن يطيع الله فليطعه. وعلى هذا يتصدق بالنقد والأعيان والبيوت وجميع أنواع الأموال.