القول الثالث: أنه يتصدق بكل المال ويبقي عليه ما يكفيه وولده بالمعروف بلا تحديد قدر معين من المبقى وإلى هذا ذهب عدد من السلف من المتقدمين واختاره ابن حزم واختاره ابن القيم واستدل هؤلاء بالحديث حديث كعب فإنه أمره بأن يبقي بعض المال وهذا القول الأخير وجيه وفيه جمع بين الأدلة إلاّ أنه يشكل عليه شيء واحد وهو أنّ حديث كعب ليس فيه لفظ النذر مطلقا وإنما فيه الصدقة فالاستدلال له قاصر نوعا ما لكن مع ذلك الاستئناس به إلى أنه يجب أن يخرج جميع المال ويبقي ما يكفيه وولده جيد وفيه نوع من الجمع بين الأدلة. يليه في القوة القول أنه يجب أن يخرج جميع ماله لأنه لا يوجد مقيد للحديث من نذر أن يطيع الله فليطعه. فبأي شيء نخرج عن هذا الحديث إذا كان حديث أبي لبابة ضعيف والحديث الآخر ليس في النذر بأي نخرج عن هذا الحديث. هناك قول رابع جيد ما أقول راجح لكن فيه وجهة نظر. أنه عليه أن يخرج جميع ماله النقدي دون ما سواه من الأعيان ودليل هؤلاء أنّ أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - لما أخرج ماله سمي بأنه تبرع بكل ماله مع أنّ بيته الذي يسكن فيه بقي له وهذا القول أيضا جيد المهم الراجح القول الثالث يليه القول الثاني.
ثم - قال رحمه الله - (أو بمسمى منه يزيد على ثلث الكل)
يعني كذلك إذا نذر أن يتبرع بقدر من المال يزيد هذا القدر على ثلث المال فكذلك لا يجب عليه إلاّ الثلث قياسا على المسألة السابقة فقاسوا ما إذا زاد القدر المتبرع به على أكثر المال ما إذا تبرع بكل المال والراجح أنه يجب عليه أن يتبرع بكل ما نذره إذا كان أقل من كل المال يعني إذا لم يكن من كل المال يعني إذا لم يكن كل المال والمؤلف خالف المذهب في هذه المسألة إذا هو يقول أو بمسمى منه يزيد على ثلث الكل ويجعل ما زاد على الثلث حكمه حكم الكل مع العلم إنما زاد على الثلث قد يكون زيادة قليلة وحينئذ يكون الباقي أكثر من أيش؟ يبقى الثلثان إلاّ قليلا. ففي هذا القول ضعف ظاهر جدا لو كان القول أنه إذا زاد على الثلثين يعني إذا نذر أن يتبرع بثلثي ماله لكان هذا القول وجيه لكن هم يقولون منه ما يزيد على ثلث الكل فقط. ثلث الكل يسير ولا يوجد أي مبرر للخروج عن الحديث.