للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الثاني: أنه يجب أن يسوي بينهما ولو كان أحدهما كافرا لأنّ الشأن الآن تحقيق العدل ولا يكون إلاّ بذلك فإنّ هذا المجلس مجلس الحكم وليس مجلس تفضيل وهذا القول الثاني يؤيده ظواهر الآثار فإنّ الصحابة احتكموا إلى أهل الذمة في وقائع عديدة ولم ينقل أنّ أحدا من القضاء فضل أحدا منهم على الكافر وهذا القول هو الراجح.

ثم - قال رحمه الله - (وينبغي أن يحضر مجلسه فقهاء المذاهب ويشاورهم فيما أشكل عليه)

قال الإمام أحمد ما أحسن أن يفعل القاضي هذا اشتمل كلام المؤلف على أمرين:

الأمر الأول: أن يحضرهم مجلسه , والأمر الثاني" أن يشاورهم. نبدأ بالمشاورة. المشاورة حكي الإجماع على استحبابها ومستند الإجماع أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - شاور في وقائع عديدة شاور في أحد وشاور في بدر وشاور في حجة الوداع وشاور الرجال وشاور النساء وشاور أبو بكر - رضي الله عنه - وشاور عمر - رضي الله عنه - في ميراث الجدة وعمر شاور في جلد شارب الخمر وشاور في وقائع عديدة فهذه النصوص تدل بمجموعها مع الإجماع على أنه لا شك أنه يستحب أن يشاور.

مسألة الثانية / أن يحضرهم المجلس استدل الحنابلة على هذا بأنّ قاضي المدينة كان يجلس القاسم عن يمينه وسالم عن يساره يعني يحضر الفقهاء بجواره , وكان قاضي الكوفة يحضر اثنين من سادة التابعين أحدهم عن يمينه وأحدهم عن يساره.

الدليل الثاني: أنّ وجود المشاور في مجلس الحكم يؤدي إلى أمرين: الأول: التسريع في البّت في القضية.

الثاني: أنّ المشاور يكون ملما بالقضية سامعا من الخصوم مما يجعل كلامه أتقن لأنه سمع.

والقول الثاني: أنه لا ينبغي إحضارهم عند القاضي لأنّ هذا يشعر لاسيما عند العوام بنقص علمه ولأنّ هذا يربك القاضي والخصوم ولأنهم قد يعترضوا على حكمه. أي القولين أرجح؟ يظهر لي أنا أنه يستحب إحضارهم لأمرين:

الأول: الآثار عن التابعين وهؤلاء ناس لهم عقول ينبغي عدم تخطيها إلاّ بتأني.

<<  <  ج: ص:  >  >>