هنا لا نقول أو شدة برد مؤلم أو شدة حر مزعج لا فقط مجرد البرد المؤلم والحر المزعج , إذا كان البرد مؤلما والحر مزعجا فإنه لا يحكم لأنه انشغل بالبرودة وانشغل بالحرارة بما لا يتمكن معه من الحكم على الوجه المطلوب , هذه المسائل الست مقيسة على الغضب وإنما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - الغضب لأنه الأكثر وقوعا والأكثر ضررا في مجريات القضية فنص عليه وأخذ الفقهاء منه ما عداه
قال - رحمه الله - (وإن خالف فأصاب الحق نفذ)
وإن خالف ما سبق من تحريم الحكم حال الغضب والجوع والألم والهم إلى آخره. فإنّ حكمه ينفذ بشرط أن يصيب. والدليل على هذا أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حكم بين الأنصاري والزبير بن العوام - رضي الله عنهم - قال الراوي فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال اسقي يا زبير حتى يبلغ الماء الجدر ثم دعه فالنبي - صلى الله عليه وسلم - غضب قطعا لأنّ الصحابي نقل أنه غضب
ولأنّ الأنصاري استثاره بقوله أن كان ابن عمتك يا رسول الله فدل هذا على أنّ القضاء حال الغضب ينفذ والجواب على هذا الحديث من وجهين: الوجه الأول: أنّ القاضي إذا غضب بعد أن بان له وجه القضية فإنه يجوز أن يحكم. لأنّ هذا الغضب لا يؤثر في القضية فإنّ القضية اتضحت له وهذا ما كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الجواب الثاني: أنّ هذا خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه إذا حكم فإنه لا يقر على الخطأ ولو كان حكم وهو غضبان - صلى الله عليه وسلم - والجواب الصحيح الأول.