يعني أنه يشترط لجواز الهدية أمران: الأول: أن يكون هذا جرى بينهما قبل الولاية. الثاني: أن لا تكون بينهما حكومة. الثالث: أن لا يعلم أنها ستكون بينهما حكومة. فإذا تحققت الشروط جازت الهدية بعد هذا نقول إذا فهم الإنسان المأخذ الشرعي عرف الحكم مباشرة فالمأخذ الشرعي أنّ كل هدية بسبب المنصب فهي من هدايا العمال هذا هو الضابط وما ذكره الفقهاء إنما هو تقريب ولهذا من الخطأ البيّن أن يأخذ طالب العلم القواعد ثم يطبقها بجفاف وعدم فهم لها. مثال يوضح المقصود.
رجل مازال بينه وبين أخيه تهادي بينهما تهادي كتب وطيب وأشياء كثيرة , لما عيّن أحدهما أتى له بخمسين رأس شاة هل بينهما تهادي من قبل؟ هل يشك الإنسان أنه هذا بسبب المنصب؟ لو أخذنا القاعدة بلفظها لقلنا يجوز لكن لما تفهم المقصود تعرف أنّ هذه الهدية محرمة عرفت كيف! وأنا بالغت في الهدية حتى يتضح الحكم وإلاّ قد لا يقع هذا.
ثم - قال رحمه الله - (ويستحب أن لا يحكم إلاّ بحضرة الشهود)
يستحب للقاضي أن لا يشرع في الحكم ولا يبدأ بالنظر في القضية إلاّ بحضرة الشهود لأنهم سبب القضية ولكي يشهدوا على الحكم فيما لو قيل وليشهدوا على الإقرار لو حصل في مجلس القضاء وقوله يستحب يدل على أنه لا يجب فلو أراد أن ينظر في القضية ويناقش ويبدأ ثم يأتي الشهود في مجلس آخر ثم يحكم في مجلس ثالث لا يوجد فيه شهود فهذا جائز ولا حرج فيه.
قال - رحمه الله - (لا ينفذ حكمه لنفسه)
وهذا معلوم لأمرين: الأول: أنّ شهادة الإنسان لنفسه لا تصح فمن باب أولى أن نمنع أن يحكم لنفسه.
الثاني: أنه تقع التهمة بهذا بدرجة كبيرة. الثالث: وهو الأول في الحقيقة أنّ عمر بن الخطاب لما أراد أن يحاكم أبيّا تحاكموا إلى زيد فلم يحاكمه إلى نفسه فلا شك أنه لا يجوز للإنسان أن يجعل نفسه حكما في قضية هو أحد الأطراف فيها.
قال - رحمه الله - (ولا لمن لا تقبل شهادته له)
لا يجوز أن يكون حكم وأحد الخصمين ممن لا تقبل شهادته له كأبيه أو أبنه وسيعقد المؤلف فصلا خاصا فيمن لا تقبل شهادته له فلا يجوز للإنسان أن يحكم لكل شخص لا تقبل شهادته له وعللوا هذا بأنه في حكمه تهمة ومظنة الحيف والميلان وقياسا على الشهادة.