ثم لما بيّن الشيخ المؤلف تحريم الرشوة والهدية انتقل إلى مواضع جواز الهدية قبل هذا ذكر شيخ الإسلام ضابطا جميلا جدا لهدايا العمال من القضاة والموظفين فقال هدايا العمال هي كل ما لو نزع عن منصبه لم يهدى إليه. ضابط جميل جدا فإذا كان سبب الهدية من بعيد أو قريب المنصب فهي من هدايا العمال ولهذا إذا كان شخص لا يهديك مطلقا فلما عيّنت في مكان أهداك فقطعا سبب الهدية أنك عينت في هذا المكان كذلك الهدايا التي تجري بين الطلاب والمدرسين في المدارس النظامية باعتبار أنّ المدرس في المدارس النظامية موظف
هذه الهدايا سببها أنه مدرس لولا أنه يدرس لم يعطى أما الهدايا التي تكون بين المدرسين والمدير والمدرسات والمديرة فتختلف إن كان لم يهدوها إلاّ لأنها مديرة أو لم يهدوه إلاّ لأنه مدير أو بعد أن أصبح مديرا فلا شك أنها من هدايا العمال وإذا كانت الهدية تجري بينهم عادة ثم وجدت مناسبة لو وجدت وهذا المدير مدرس لأعطوه لم تصبح من هدايا العمال من أبرز الأمثلة أنه جرى العرف بين المدرسات أنه كل من أتى بمولود يعطى هدية فهم يعطون هذه وهذه سواء كانت مديرة أو مدرسة أليس كذلك؟ فهذا ما يظهر لي أنا أنّ إهداء المديرة إذا أتت بولد من هدايا العمال لأنه موجود سواء كانت مديرة أو ليست بمديرة إنما المحرم أنه إذا صارت مديرة بالغوا في الهدية فلا شك أنّ هذا سحت وأنه من هدايا العمال أما إذا أهدوها كما يهدون غيرها وهو أمر جار بينهم وعرف جروا عليه من قديم فليس من هدايا العمال.
ثم - قال رحمه الله - (إلاّ ممن كان يهاديه قبل ولايته)
إذا كان يهاديه قبل الولاية فهذا دليل وقرينة على أنّ الهدية ليست بسبب الولاية وإذا كانت الهدية ليست بسبب الولاية فلا حرج لأنّ الأصل أنّ التهادي بين المسلمين مستحب.