إذا سبق أحدهما بالدعوى صار هو المدعي ولو لم يسأل القاضي أيّكما المدعي وإذا صار هو المدعي فإنه إذا اعترض الآخر وقال أنّ المدعي لم ينظر القاضي إلى كلامه , فإذا الذي يحدد أيّهما المدعي الذي يبدأ منهما فإن بدأو في وقت واحد أقرع بينهما وتحديد أيّهما المدعي وأيّهما المدعى عليه أمر مهم وضروري لأنه ينبني على هذا أحكام كثيرة كما سيأتينا.
ثم - قال رحمه الله - (وإن أقرّ له حكم له عليه)
يعني إذا تبيّن أيّهما المدعي وادعى بمال أو بغيره ثم أقّر المدعى عليه فإنه يجب على القاضي بالإجماع أن يحكم بهذا الإقرار لأنّ الإقرار حجة ملزمة وهو أقوى من البيّنات لأنّ البيّنات تحتمل إحتمالات والإقرار لا يحتمل فيجب عليه أن يحكم بمقتضى الإقرار مباشرة وهذه الصورة نادرة في الوقوع لكن ذكرها المؤلف للترتيب المنطقي بما سيكون في مجلس الحكم ولماذا هي نادرة الوقوع؟ لأنه لو كان سيقر ما احتجنا إلى مجلس القضاء.
قال - رحمه الله - (وإن أنكر قال للمدعي إن كان لك بيّنة فأحضرها إن شئت)
إذا ذكر المدعي دعواه ولم يقر المدعى عليه فإنّ القاضي يقول للمدعي ألك بيّنة ويقول أحضرها إن شئت. أيّ أنّ القاضي ليس له أن يلزم المدعي بإحضار البيّنة فإن أبى المدعي أن يحضر البيّنة وأراد الانتقال إلى يمين المدعى عليه كما سيأتي فله ذلك إنما يعرض عليه القاضي عرض أنه ألك بيّنة؟ أولا. علمنا من هذا أنه لا يلزمه وعلمنا أيضا أنه لا حرج على القاضي أن يقول للمدعي ألك بيّنة وليس هذا من الجور على المدعي عليه , والدليل على هذا ما جاء في الصحيح أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لما اختصم الحضرمي وخصمه قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - ألك بيّنة؟ فدل هذا على أنّ طلب البيّنة لا حرج فيه ولأنّ في طلب البيّنة الإسراع في الحسم في القضية وإعطاء كل ذي حق حقه.