والقول الثاني: أنه يعمل بما ثبت عند القاضي إذا أرسل به إلى قاض آخر ليحكم به لأنّ الحاجة قد تدعوا إلى هذا والحاجات كثيرة منها على سبيل المثال في وقتنا هذا أن ينظر القاضي في قضية إلى أن تستوي القضية استوفى الشهود والقضية لم يبقى شيء لم يبقى إلاّ مشكلة واحدة وهو أنه بدء في إجازة القاضي الناظر في القضية. وهو لا يريد أن يحكم باستعجال فحينئذ من المصلحة أن نقول اكتب بما ثبت عندك ليحكم به القاضي الآخر بدل أن تعطل القضية لمدة شهر أو لمدة شهرين. فهذه من الأمثلة المعاصرة وهي توجد بكثرة.
من أمثلة ما يسوغ ذلك أن يكون المحكوم عليه من أقرباء أو أصدقاء القاضي مما يستحي معه النطق بالحكم فيرسل به إلى قاض آخر ليحكم به , من أمثلة القضية. وهو مثال مهم أن يكون القاضي المكتوب إليه يجيد هذه القضايا أكثر من القاضي الذي باشر القضية أول مرة فالقاضي الأول أراد أن يجمع كل ما يتعلق بالقضية فإذا لم يبقى إلاّ النظر والحكم أسنده إلى قاض يحسن مثلا هذا النوع من المعاملات فهو في الحقيقة لا شك أنّ القول بصحته مقتضى قواعد الشرع وهو القول الراجح إن شاء الله.
ثم - قال رحمه الله - (ويجوز أن يكتب إلى قاض معيّن وإلى كل من يصل إليه كتابه من قضاة المسلمين)
معنى هذه العبارة أنّ القاضي لا يشترط أن يكتب معيّن بل له أن يكتب إلى معيّن وله أن يكتب إلى من يراه من قضاة المسلمين لأنه لا يوجد دليل على اشتراط أن يكون الكتاب موجه إلى قاض معيّن ولأنّ حكم القاضي ملزم سواء كان لهذا القاضي أو لذاك فلا معنى للتعيين ألسنا اتفقنا أنّ حكم القاضي ملزم إذا لسنا بحاجة إلى التعيين.
والقول الثاني: وهو للأحناف أنه يشترط في كتاب القاضي إلى القاضي أن يعيّن وأن يكتب أنه من فلان إلى فلان لأنّ هذا أضبط للقضية وأدعى لتطبيقها ولئلا يتدافعها القضاة المكتوب إليهم ومذهب الأحناف لا شك أنه هو الراجح إن شاء الله وهو مذهب قوي وكتابة كتاب فيه حكم في قضية من قضايا بين المسلمين إلى غير معيّن فيه نوع من عدم الاهتمام بل يجب أن يكتب إلى قاض معيّن ومن حيث العمل لا يوجد إلاّ الكتابة من قاض معيّن إلى قاضي معيّن.