لما ذكر اشتراط الاسترعاء ذكر ما يستثنى منه وما يستثنى هو في صورتين. أن يسمعه يقّر أو يشهد عند الحاكم أو أن يسمعه ينسب الحكم إلى سببه أو الحق إلى سببه. ففي هاتين الصورتين لا يشترط حتى الحنابلة الاسترعاء وجه عدم اشتراطهم هو أنّ الاحتمال انتفى في هذه الصورة أما في مجلس القضاء فهو لن يتكلم إلاّ بما علم وأما إذا ذكر السبب فعلم أنه ضابط وأنه يعزو الأمر إلى سببه. هكذا قال الحنابلة وكلامهم وجيه فيما إذا سمعه في مجلس الحكم وليس بوجيه فيما إذا سمعه بدون استرعاء ولو مع إضافة الحكم إلى سببه لأنّ كثير من الناس أيضا يضيف الحكم إلى السبب فيقول أنّ فلان يطلب فلان لأنه اشترى منه من غير أن يتثبت ففي الحقيقة في باب القضاء ينبغي على الشاهد أن يتثبت ولا يشهد بمجرد أنه سمع فلان يقول أنّ فلان قال باع عليه بإمكان القاضي أن يتجاوز هذه المسألة وأن يطلب من الشاهد أن يتكلم بحسب ما سمع وأن لا يشهد وأن لا يقول أشهد أنّ فلان باع على فلان وإنما يقول ماذا سمعت فلان يتحدث مع فلان ويقول كذا وكذا بهذه الطريقة خرج من أن يكون شاهد شهادة أصلية وفي نفس الوقت نقل ما سمع ليتثبت منه القاضي.
قال - رحمه الله - (وإذا رجع شهود المال بعد الحكم لم ينقض)
ولا تأخذ العين من المحكوم له السبب في هذا أنه بعد صدور الحكم أصبحت العين المحكوم بها من أملاك المحكوم له وإذا كانت من أملاكه فإنها لا تخرج بمجرد الدعوى بل تحتاج لأحد أمرين: إما بيّنة أو إقرار. والرجوع عن الشهادة ليس بإقرار ولا بيّنة. ولهذا لا يملك أن يأمر أو ان يطلب بنزع العين من صاحبها بعد صدور الحكم ولو رجع وأكذب نفسه.