والقول الثاني: أنه إذا أكذب نفسه فإنّ الحاكم ينزع العين من المعاطاة إليه ويعطيها صاحب الحق واستدل هؤلاء بأنّ العين إنما أعطيت لصاحبها بناء على الشهادة فإذا بطلت الشهادة يبطل ما بني عليها وهو دفع العين إلى المشهود له. ولما يتبيّن أيهما الراجح ولعله يرجع إلى القاضي يعني في تحديد مثل هذه الأمور لأنه في الحقيقة أحيانا تجزم في بعض الصور بنزع العين وأحيانا تجزم بعدم نزع العين من صور الجزم بعدم نزع العين أنه يوجد كثير بعد صدور الحكم تلمس أنه مورست ضغوط على الشاهد وهذا يعرفه القاضي ويسمع من الناس أنها مورست ضغوط على الشاهد وطولب منه الرجوع مرارا وتكرارا وضغط عليه ثم بناء على هذا الضغط يرجع إلى القاضي وينقض شهادته فمثل هذه الصورة تجزم أنه لا تنزع العين. صورة أخرى إذا رجع شاهد فيه أمارات العدل وبيّن لك لماذا رجع أنه كان واهما وأنه ظنّ أنّ القضية وقعت على الصفة الفلانية وهي لم تقع فمثل هذه الصورة تجزم بالرجوع وأنّ القضية كانت خطأ فالحكم العام في مثل هذه المسألة لا يظهر لي أنه دقيق.
قال - رحمه الله - (ويلزمهم الضمان دون من زكاهم)
يعني الشهود مع كونهم لا يقبل رجوعهم إلاّ أنه مع ذلك يلزمهم ضمان المال للمشهود عليه وجه ذلك أنّ شهادتهم صارت سببا في نزع العين بغير حق فصار الضمان عليهم.
والقول الثاني: أنهم لا يضمنون شيئا لأنه ليس منهم مباشرة للإتلاف وليست لهم يد متعدية والراجح إن شاء الله أنهم يضمنون لأنّ خسارة المشهود عليه لا شك أنها بسببهم.
ثم - قال رحمه الله - (دون من زكاهم)
من زكاهم لا يضمن لأنّ من زكاهم إنما زكاهم بحسب الظاهر وأما الباطن فعلمه إلى الله ولا يملك المزكي ولا غير المزكي أن يعرف حقيقة باطن الشاهد ولهذا فهو يعفى عنه ولا يلزم بشيء وإنما الذي يضمن هم الشهود.