والقول الثاني: أن قوله أنه أقرّ أنه قبض وإنكاره القبض بعد هذا إقرار ودعوى فنقبل الإقرار ونرد الدعوى إلاّ ببيّنة والراجح بلا إشكال المذهب وهو اختيار العلامة ابن قدامة وشيخ الإسلام بن تيمية وغيرهم من المحققين. ويتأكد هذا في زمننا هذا يتأكد جدا ومن لم يحكم به فقد خالف العرف في الحقيقة اليوم مثلا كُتَاب العدل لا يكتبون المبايعة إلاّ بعد الإقرار بقبض الثمن فتسعين بالمئة من المبايعات التي تتم بدون قبض ثمن تثبت في صك كُتَاب العدل مقبوضة الثمن لا يرضى أصلا أن يتمم الكتابة إلاّ إذا أقرّيت أنك فعوام الناس وكثير منهم في المجلس حتى لا يضيع عليه الوقت يقرّ أنه قبض وهو في الواقع لم يقبض فيتوجه جدا أن يحسن القاضي أنّ هذا أمر واقع وأنّ كثيرا من الناس يقر بالقبض وهو لم يقبض فأقلّ ما يستحق هو طلب اليمين من المدعى عليه على أنّ القاضي الفطن لأظنه أنه يكتفي بطلب اليمين مع علمه المتعين أنّ هذا الشخص لم يقبض وأنه جرى كثيرا أن يقر بالقبض بدون أن يقبض. ولهذا نقول لا شك في رجحان المذهب وهو أقّل حقوق المقر في هذه الصورة نحن نتكلم عن صورة معيّنة.
قال - رحمه الله - (وإن باع أو وهبه , أو أعتقه ثم أقرّ أنّ ذلك كان لغيره لم يقبل قوله ولم ينفسخ البيع ولا غيره)
أي يترتب على هذا حكمان: لم يقبل قوله ولم ينفسخ البيع وهذه المسألة ترجع لقاعدة مرت معنا مرارا في كتاب البيوع والقضاء وهو أنه لا يقبل إقرار الشخص على غيره. صورة أنّ هذا الإقرار هو أنه إقرار على غيره أنه بمجرد ما تم العقد فإنّ السلعة تعتبر ملك من أملاك المشتري فإذا أقرّ هذا الإقرار فهو يقرّ على غيره فلا نقبل هذا الإقرار وتبقى السلعة في ملك المشتري ولا يفسخ العقد ولكن مع ذلك حفظ الحنابلة صاحب السلعة كما يلي: