وهذا الاختيار الأول لشيخ الإسلام - لأن له في المسألة اختيارين لصعوبة المسألة واختلاف الآثار فيها.
القول الثالث: أنه لا يطهر إلا جلد مأكول اللحم.
يعني إذا فرضنا أن شاة ماتت حتف أنفها يعني صارت ميتة فجلدها الآن نجس فعلى القول الثالث هل يطهر بالدباغة؟
الجواب: نعم يطهر.
وإذا مات حمار حتف أنفه فهل يطهر جلده بالدباغة؟
الجواب: لا. لايطهر. لأنه غير مأكول اللحم
دليل القول الثالث: حديث سلمة بن المحبق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((دباغها ذكاتها)).
فدل الحديث على أن الدباغة إنما تؤثر فيما تؤثر فيه الذكاة والذكاة لا تؤثر إلا في مأكول اللحم.
ما معنى جملة أن الذكاة لا تؤثر إلا في مأكول اللحم؟
يعني لو أن إنساناً أخذ كلباً وذبحه على وفق القواعد الشرعية بأن قطع الحلقوم والودجين فهل يصبح جائز الأكل؟
الجواب: لا. لأن الذكاة لا تؤثر فيه أصلاً.
وهذا القول هو الاختيار الثاني لشيخ الإسلام واختاره أيضاً شيخنا محمد العثيمين رحمه الله.
والأقرب والله أعلم في هذه المسألة هذا القول الثالث.
سبب هذا الترجيح:
نقول أن القول الثاني أقوى ولكن هناك مرجح للقول الثالث وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((نهى عن جلود السباع)).
وجلود السباع لا تكاد تستخدم إلا مدبوغة ومع ذلك نهى عنها مما يدل على أن الدباغة لا تؤثر فيها.
والمسألة تحتمل أكثر من هذا الشرح لكن هذه رؤوس الأقوال والأدلة وعرفت الآن أن الراجح هو القول الثالث.
= هل ينبني على هذا القول شيء؟
- الجواب: ينبني عليه مئات المسائل.
= فمثلاً - حتى يتدرب طالب العلم على التطبيق - الشنط المصنوعة من جلود النمور ومن جلود الأفاعي ما حكمها؟
- لا تجوز.
= ذيل الثعلب - الذي يحتفظ به بعض الناس - ما حكمه؟
- لا يجوز.
لكن عند الحنابلة هذه الأمور لا يجوز أن تباع ولا تشترى لكن هل يجوز أن ننتفع بها بعد الدباغة؟
- يجوز.
لكن الإشكال أن الأحذية والشنط والأحزمة تباع وتشترى وهذا هو محل الإشكال.
فعلى القول الثالث لا يجوز لا أن تباع ولا أن تشترى.
ويجب أن تنتبه إلى أن الذي لا يجوز أن يباع ويشترى ما كان من الجلد الحقيقي أما الشكل والرسم فهذا لا بأس به.