فإن كان من جلد حقيقي لنمر وذئب أو لدب أو للأفاعي - وهذه أشهر الجلود التي تصنع منها الشنط والأحذية - فإنه لا يجوز لا أن تباع ولا أن تشرى على القول الثالث وعلى القول الثاني أي جلد دبغ فقد طهر.
• ثم انتقل ’ لمسألة أخرى فقال:
ولبنها وكل أجزائها: نجسة غير شعر ونحوه، وما أُبين من حي: فهو كميتته
في الحقيقة أراد المؤلف ’ في آخر الباب أن يبين أحكام أجزاء الميتة لكنه بدء بالجلد لأهميته ولقوة الخلاف فيه فلما انتهى من الكلام على الجلد انتقل إلى الحديث عن باقي أجزاء الميتة فقال ’:
ولبنها وكل أجزائها: نجسة
يعني ولبن الميتة وكل أجزاء الميتة نجسة.
إذاً الحنابلة يرون أن لبن الميتة وأجزاؤها نجسة.
الدليل: قوله تعالى: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} (الأنعام/١٤٥).
فهذه الآية نصت على أن الميتة بكل ما فيها فهو رجس.
إذاً عرفنا أن الحنابلة يقررون أن الميتة بجميع أجزائها نجسة هذا بالنسبة للحنابلة.
أما على القول الراجح إلا الجلد من مأكول اللحم.
القول الثاني: أن لبن وأنفحة الميتة طاهرة.
واستدل أصحاب هذا القول على أنها طاهرة بعمل الصحابة رضي الله عنهم.
قالوا: فإن الصحابة è لما فتحوا العراق وكان بعض سكانه من المجوس أكلوا الجبن المصنوع في العراق في ذلك الوقت والجبن معلوم أنه لا ينعقد إلا بالأنفحة والأنفحة لا تؤخذ إلا من الميتة لأنهم هم لا يذبحون إنما يأخذونها منها ميتة ومع كون الجبن انعقد من أنفحة ميتة أكل منه الصحابة.
وهذا اختيار شيخ الإسلام وهو أن اللبن والأنفحة من الميتة طاهرة وليست بنجسة وهذا القول هو الصواب.
فما يكون للإنسان أن يأتي إلى مسألة فيها آثار صحيحة عن الصحابة وليس لها معارض فيعارضها ويختلف معها.
بما أن الصحابة وهم أورع وأعلم الناس وأفقه الناس في كتاب الله يرون أن لبن وأنفحة الميتة طاهر فإنا نقول بقولهم.
• قال ’:
ولبنها وكل أجزائها: نجسة.
إذاً ناقشنا المؤلف في اللبن والأنفحة فهل بقي شيء من أجزاء الميتة؟