إذاً هذه الصور الأربع تشمل جميع أنواع تبيهات المأمومين للإمام.
ولما انتهى رحمه الله من الكلام عن الإمام رجع إلى المأمومين:
• قال رحمه الله:
وصلاة من تبعه عالماً.
أي أن المأمومين إذا علموا أن الإمام زاد في صلاته فإنهم إن تابعوه في هذه الزيادة مع علمهم بأنها زيادة فتبطل صلاتهم أيضاً. لأنهم زادوا في صلاتهم عمداً وتقدم معنا أن الزيادة في الصلاة عمداً تبطل الصلاة. فالواجب على المأمومين أن لا يتابعوه.
وإذا لم يتابعوه فليس لهم إلا أحد أمرين:
- إما الانفصال الكامل. فينفصل المأموم ويتم تشهده ويسلم.
- أن لا يتابعوه بالقيام ولكن أيضاً لا يسلموا ويتركوا الصلاة وإنما ينتظروه إلى أن يرجع ثم يسلموا معه. واختلف الفقهاء: هل انتظارهم للإمام واجب أو مستحب؟
على قولين في مذهب الإمام أحمد:
فبعضهم قال: واجب.
وبعضهم قال: مستحب.
والصواب في هذا الخلاف أنه يستحب فقط استحباباً أن ينتظروا الإمام ليسلموا معه ولو أكملوا التشهد وسلموا لجاز لهم ذلك لكن المستحب أن ينتظروا الإمام ليحصل الإجتماع والألفة.
والقول بالاستحباب هو اختيار شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله.
وبهذا عرفنا حكم المأمومين إذا عرفوا أن الإمام زاد وتركوه أو تابعوه إذا كان ذلك على سبيل العلم.
ثم انتقل المؤلف إلى ما إذا كان على سبيل الجهل.
• فقال رحمه الله:
لا جاهلاً وناسياً ولا من فارقه.
إذا تابعوه نسياناً أو جهلاً فإن صلاتهم صحيحة ولا أظن في هذا خلاف لم أقف على أحد حكى إجماعا لكن لا أظن أن في هذا خلاف لماذا؟ لأن الصحابة تابعوا النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة حين زاد وحين نقص ولم تبطل صلاتهم. لماذا؟ لأنهم في حكم الجاهل.
قوله: ولا من فارقه. لو قيل لك الآن: ما حكم المفارقة؟
فالجواب: أن الفقهاء يقصدون بالمفارقة عدم متابعة الإمام على الزيادة ولا يقصد بالمفارقة هنا أن يسلم قبله أو ينتظره.
إن كان المأموم عالماًَ بالزيادة فالمفارقة: واجبة.
وإن كان المأموم جاهلاً أو ناسياً فالمفارقة: لا تجب.