الدليل: - على أن الصلاة لاتبطل إذا تكلم لمصلحتها - ما تقدم معنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم تكلم وكذلك أبو بكر وعمر وذو اليدين كلهم تكلموا ومع ذلك لم تبطل الصلاة لأنه لمصلحة الصلاة ولأنه يسير.
واشتراط أن يكون الكلام يسيراً دليله عند الحنابلة أن العمومات دلت على إبطال الصلاة بالكلام واستثناء اليسير حصل بحديث أبي هريرة فيبقى ما عداه - وهو الكثير - على مقتضى العموم.
= والقول الثاني: أن الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها سواء كان قليلاً أو كثيراً. والدليل على هذا قاعدة مفيدة لطالب العلم: وهي أنه ما عذر فيه بالنسيان استوى قليله وكثيره كالصائم يأكل ناسياً.
هل هناك فرق بين أن يأكل أكلاً كثيراً أو قليلاً؟
الجواب: لا. لا يوجد فرق. لماذا؟ لأنه معذور بالنسيان فاستوى القليل والكثير في حقه.
كذلك هنا نقول ما دام أنه معذور بالنسيان فيستوي في حقه الكلام الكثير والقليل.
وهذا القول - الثاني - هو الصواب.
•
ثم قال رحمه الله:
وقهقهة ككلام.
القهقهة نوع من الضحك معروف لا يحتاج إلى تعريف.
والقهقهة عند الحنابلة حكمها حكم الكلام. والكلام يبطل الصلاة إذا بان منه حرفان لأنه في لغة العرب: يكون الكلام بحرفين كما تقول: أب. أو أم.
فالتفصيل السابق في الكلام كله ينطبق على القهقهة. إذا تكلم لمصلحتها أو لغير مصلحتها وإذا تكلم في صلبها فكل هذا التفصيل ينطبق على القهقهة.
= والقول الثاني: في هذه المسألة. أن القهقهة تبطل الصلاة مطلقاً بان حرفان أو لم يبن.
وهذا القول للجماهير بل حكي إجماعاً - حكاه ابن المنذر وشيخ الاسلام.
الدليل: أن الإبطال بالقهقهة ليس لكونها كلاماً أو ليست بكلام وإنما لما فيها من منافاة لحال الصلاة والخضوع بين الرب ولما فيها من الاستهزاء والسخرية فهي تبطل الصلاة لذلك لا لكونها من الكلام.
وهذا بلا شك هو الصواب بل مذهب الحنابلة غريب في هذه المسألة. كيف أنهم يلحقون القهقهة بالكلام. فإن القهقهة أشد وأبعد عن روح الصلاة بكثير من الكلام. وفيها ما لا يخفى من الاستهزاء. فإبطال الصلاة فيها أمر واضح وجلي.
عرفنا الخلاف في هذه المسألة - قوله: قهقهة ككلام - والصواب أن القهقهة دائماً تبطل الصلاة.