للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قال رحمه الله:

وإن نفخ أو انتحب من غير خشية اللَّه تعالى، أو تنحنح من غير حاجة فبان حرفان: بطلت.

نفصل هذه المسائل:

المسألة الأولى: عند الحنابلة إذا نفخ أو انتحب أو تنحنح فبان حرفان: بطلت.

الدليل: قالوا: أنه روي عن ابن عباس وعن أبي هريرة أنهما قالا: من نفخ في الصلاة فقد بطلت صلاته. وهذا لا يثبت عنهما رضي الله عنهما. قال ابن المنذر رحمه الله: لا يحفظ عنهما. فعرفنا مذهب الحمنابلة وأن دليلهم ضعيف.

= القول الثاني: أن النفخ والانتحاب والتنحنح لا يبطل الصلاة لأن هذه الأشياء ليست من كلام العرب ولا تدخل في مسماه: أي في مسمى كلام العرب. فهي كالتنفس تماماً إلا أن معها صوت. وإبطال الصلاة بمجرد الصوت لا أصل له في الشرع.

رجح هذا القول - الثاني - ابن تيمية وهو الصواب. أن هذه الأشياء لا تبطل الصلاة ويقوي ما ذهب إليه شيخ الاسلام حديث المغيرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى الكسوف أخذ ينفخ فلما قضى صلاته سألوه فقال: قرب مني النار حتى نفخت حرها عن وجهي. ومع ذلك لم تبطل الصلاة.

إذاً عرفنا الآن حكم النفخ والانتحاب والتنحنح في المذهب ودليلهم والقول الثاني والراجح.

نأتي إلى المستثنيات يقول: أو انتحب من غير خشية الله.

يستثنى من الإبطال بالانتحاب أن يكون هذا الانتحاب من خشية الله. والانتحاب هو: رفع الصوت بالبكاء. فإذا انتحب من خشية الله فإن الصلاة لا تبطل حتى عند الحنابلة ولو بان حرفان.

والدليل: أن الانتحاب من خشية الله من جملة ذكر الله وتعظيمه. وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على إبراهيم بأنه أواه والأواه هو: من يتأوه من خشية الله. فهو صفة مدح لا تبطل الصلاة بها.

فهذا الاستثناء الأول.

الاستثناء الثاني: أو تنحنح من غير حاجة. دل هذا على أنه تنحنح للحاجة فإن صلاته صحيحة ولو بان حرفان.

الدليل: أنه يتعذر دفع التنحنح الذي للحاجة ويشق على المصلي فناسب التخفيف وعدم الابطال.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

انتهى الدرس،،،

<<  <  ج: ص:  >  >>