قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
بدء المؤلف رحمه الله بالكلام عن المخالفات التي تقع بين الإمام والمأموم.
وبدأ بالنوع الأول من المخالفة وهو: السبق. - أي: أن يسبق المأموم الإمام - ولعله بدأ بالسبق لأن غالب المخالفة من المأموم تكون بالسبق.
• فيقول رحمه الله:
ومن ركع أو سجد قبل إمامه: فعليه أن يرفع ليأتي به بعده.
نبدأ بتقرير المذهب في هذه المسألة:
= الحنابلة يرون - وهذا هو معنى هذه العبارة - أن المأموم إذا سبق الإمام إلى الركوع أو إلى السجود فإن عمله هذا محرم وهو به آثم لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (أما يخشى الذي يسبق الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار - أو يجعل صورته صورة حمار).
فإذا فعل هذا الفعل - وهو: سبق الإمام إلى الركن - فإن صلاته صحيحة مع التحريم بشرط أن يرجع ويأتي به بعده. وهذا معنى قوله: (فعليه أن يرفع ليأتي به بعده).
التعليل:
أما دليل التحريم فعرفناه.
وأما تعليل صحة الصلاة مع كونه تعمد مخالفة الإمام فقالوا: أن هذه المخالفة مخالفة يسيرة وقد وافق الإمام في الركن فبقيت صلاته صحيحة.
= القول الثاني: وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وهو أيضاً مذهب الظاهرية أنه إذا فعل ذلك - أي إذا سبق الإمام - فعمله محرم والصلاة باطلة.
الدليل: استدلوا بذات الدليل فقالوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أما يخشى الذي يسبق الإمام أن يحول الله صورته .... الحديث.
فهذا نص في التحريم.
ثم إن هذا النهي يعود إلى فعل في ذات الصلاة وإذا عاد النهي إلى فعل في الصلاة أدى إلى بطلانها.
وهذا القول: قوي وممن رجحه ونصره الشيخ العلامة السعدي رحمه الله. وهو الأقرب.
وإن كان يترتب على هذا أمر فيه عسر وهو: كثرة الذين يسبقون الإمام.
فلو نظرت الناس لوجدت عدداً كبيراً منهم يسبق الإمام - كأن يسجد قبل الإمام فإذا قال الإمام: الله أكبر وكان الإمام ثقيلاً - مثلاً - فإن بعض المأمومين يسبقون الإمام إليه.
فهذا الذي سبق الإمام صلاته على القول الراجح تكون باطلة. أما عند الحنابلة فتكون صحيحة بشرط أن يرجع ليأتي به.
فالمسألة ليست يسيرة لكن باعتبار أن النص صريح بالتحريم والنهي ثم هو نهي يعود إلى ذات الصلاة وقلنا أن الأقرب ما رجحه الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله وهو بطلان الصلاة.
وهذا يوجب على طالب العلم تحذير الناس تحذيراً شديداً من مخالفة الإمام بالسبق.
هذا حكم سبق الإمام ونأتي إلى مسألة أخرى من مسائل مخالفة المأموم للإمام.