واستدلوا على تقديم السلطان الأعظم - أي خليفة المسلمين أو من له السلطة العليا في الدولة - بنفس الحديث السابق: (لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه). قالوا: أن سلطان ولي الأمر أكبر من سلطان صاحب البيت حتى في بيته وحتى من إمام المسجد في مسجده.
فلما كان سلطانه أكبر صار وصف الحديث ينطبق عليه أكثر فقدم للصلاة.
إذاً إذا حضر السلطان فهو أحق بالإمامة من صاحب البيت أو إمام المسجد ولو كان راتباً.
• ثم قال رحمه الله:
وحر وحاضر ومقيم وبصير ومختوم ومن له ثياب: أولى من ضدهم.
قوله: (وحر). أي أن الحر مقدم على العبد. فإذا اجتمعا قدم الحر على العبد. واستدلوا على تقديم الحر على العبد بأنه: أشرف وأعلى مكانة.
= والقول الثاني: أن العبد إذا كان أفقه فإنه يقدم. واستدلوا بأدلة قوية جداً: الأول: عام. والثاني: حاص.
أما الأول: فعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: (يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله). فنحن نقدم من قدم الله ورسوله ونؤخر من أخر الله ورسوله.
الثاني: أن سالم مولى أبي حذيفة - رضي الله عنه - صلى بعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لأنه أقرأ منه.
ولا شك أن الراجح هو أن العبد الأفقه أو الأقرأ ولو كان مملوكاً فإنه مقدم على الحر في الصلاة والإمامة إذا كان أفقه.
ولاشك في رجحان هذا القول وأظن أن هذا كلام لبعض الحنابلة ولا أظنه يثبت عن الإمام أحمد بن حنبل.
قوله: (وحاضر). يقصد بالحاضر هنا: الحضري وهو: من سكن المدن والأمصار فإنه مقدم على أهل البوادي: أي: على البادية. فإذا حضر رجل من الحضر ورجل من البادية فنقدم الحاضر على البادي.
واستدلوا على هذا بأن: البادية يغلب عليهم الجهل بالأحكام وعدم معرفة القرآن.
= والقول الثاني: أنه يقدم الأفقه سواء كان من الحاضرة أو من البادية.
فإذا كان الرجل الذي من البادية أقرأ أو أفقه فإنه يقدم على من ليس كذلك ولو كان من الحضر.
واستدلوا: بعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله). سواء كان هؤلاء القوم من البادية أو من الحاضرة.