للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقدم معنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتخذ هدف أو شجرة وعليه نجزم - والله أعلم - أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتخذ شجرة لا ظل لها ولا ثمرة كصغار الشجر التي تستر الإنسان بدون أن يكون لها ظل ولا ثمرة.

الدليل: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال اتقوا اللعانين الذي يتخلى في طريق الناس وظلهم.

ومعنى اللعانين: يعني الأمرين الجالبين للعن.

فقوله - صلى الله عليه وسلم - اتقوا اللعانين الذي يتخلى في طريق الناس وظلهم دليل على أنه محرم ودليل على مسألة أخرى وهي أنه من كبائر الذنوب لأن الكبيرة في عرف الفقهاء كل عمل رتب عليه الشارع وعيد خاص.

وهذا القول اختاره الذهبي وشيخ الإسلام وابن القيم وعدد من المحققين أن هذا هو حد الكبيرة - كل عمل ترتب عليه وعيد خاص -. واللعن من أشد أنواع الوعيد.

ويقاس على الطريق والظل النافع والشجرة المثمرة - كل مكان يتأذى المسلمون بقضاء الحاجة فيه ولو لم يكن طريق ولا ظل ولا شجرة لها ثمرة كالمكان الذي اعتاد الناس أن يجلسوا فيه.

فلو فرضنا أن هناك مكان اعتاد الناس أن يجلسوا فيه وليس ظلاً وليس تحت شجرة مثمرة وليس طريقاً أيضاً فقضاء الحاجة في هذا المكان يعتبر محرماً لأن العلة التي نهى الشارع من أجلها هي أن يتأذى المسلمون.

انتهى - رحمه الله - من تفصيل الآداب المستحبة أو المكروهة أو المحرمة وانتقل إلى موضوع آخر وهو أحكام الاستجمار.

• فقال - رحمه الله -:

ويستجمر بحجر ثم يستنجي بالماء.

المؤلف رحمه يريد أن يبين الطريقة الأمثل في الاستنجاء والتخلص من الأذى والحنابلة يرون أنها على ثلاث مراتب:

١. فأفضل الطرق في تنظيف النجاسة أن يبدأ الإنسان بالحجارة وينظف المحل ثم يتبع الحجارة الماء.

٢. يليه في الأفضلية أن يستعمل الإنسان الماء وحده.

٣. ثم يليه في الأفضلية أن يستعمل الحجارة وحدها.

فهذه ثلاث مراتب للاستنجاء والاستجمار أفضلها الجمع ثم الماء ثم الحجر.

استدل الحنابلة على هذا التفصيل بأمرين:

الأول: الإجماع. قالوا أجمع أهل العلم أن أفضل الطرق أن يبدأ بالحجارة ثم يتبعها الماء.

الثاني: استدلوا بحديث عائشة أنها قالت مرن أزواجكن أن يتبعن الحجارة الماء فإني استحييهم وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله.

الحنابلة يقولون بعد هذا الحديث - في كتبهم - رواه أحمد واحتج به.

<<  <  ج: ص:  >  >>