للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: أن الاستدبار والاستقبال في البنيان وفي غير البنيان - في الفضاء - محرم وهذا معنى قول الفقهاء: محرمٌ مطلقاً.

وانتصر لهذا القول بقوة شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وانتصر له أيضاً عدد من المحققين ونسب إلى الجمهور.

دليلهم: أدلتهم الأحاديث - حديث أبي أيوب وحديث أبي هريرة - قالوا كل حديث يخالف هذه الاأحاديث فهو إما ضعيف أو يدخله الاحتمال ثم قرر ابن القيم قاعدة جيدة في الحقيقة وإن كانت قد لا تسلم في هذا الموضع ولكنها قاعدة ينبغي أن يعتني بها طالب العلم.

((أن الأحاديث الصحيحة الصريحة الثابتة لا تعارض بالأحاديث المحتملة)).

فيقول ابن القيم عندنا أحاديث صحيحة صريحة قوية ثابتة وهي نص في المسألة في التحريم المطلق فلا نزول عنها إلى أحاديث محتملة أو أحاديث ضعيفة.

القول الثالث: أن الاستقبال والاستدبار يحرم مطلقاً إلا الاستدبار في البنيان.

وهذا القول اختاره القاضي أبي يوسف - صاحب أبي حنيفة - أخذاً بحديث ابن عمر بتقييده الخاص.

وفي الحقيقة هذه المسألة من المسائل المشكلة ولذلك كثرت فيها الأقوال وتشعبت واختلف فيها العلماء كما ترون اختلاف كثير.

وما في شك أن الأحوط اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والأقوى دليلاً اختيار القاضي أبي يوسف صاحب أبي حنيفة فقوله صحيح وكون النبي - صلى الله عليه وسلم - يبول مستدبر الكعبة دليل على الجواز في البنيان خاصة.

• ثم قال - رحمه الله -:

ولبثه فوق حاجته.

يعني أنه يحرم على الإنسان أن يبقى فوق حاجته بعد انتهاء الحاجة لتعليلين:

الأول: أنه يحرم على الإنسان أن يكشف عورته بلا حاجة بالإجماع - حكي الإجماع عليه وهنا هو كاشف لعورته بلا حاجة.

الثاني: أن هذا البقاء بعد انتهاء الحاجة يضر بالإنسان.

إذاً ما ذكره المؤلف من أن لبث الإنسان فوق حاجته بعد انتهائه أنه محرم فحكم صحيح.

• ثم قال - رحمه الله -:

وبوله في طريق وظل نافع وتحت شجرة عليها ثمرة.

يحرم البول في ثلاث أماكن:

الأول: الطريق.

والثاني: الظل.

والثالث: الشجرة التي لها ثمرة. ولو لم يكن لها ظل فمجرد وجود الثمرة يحرم قضاء الحاجة تحت الشجرة.

وعلم من كلام المؤلف أنه يجوز للإنسان أن يبول تحت شجرة ليس لها ظل ولا ثمرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>