والدليل على ذلك: أن ابن مسعود - رضي الله عنه - وعلقمة والأسود أقبلوا إلى المسجد فرأوا الناس يخرجون وقد انتهت الجماعة فرجعوا إلى منزل ابن مسعود - رضي الله عنه - وصلى بهم وجعل أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره فلما انتهى قال: (هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
قال أصحاب هذا القول أن ابن مسعود - رضي الله عنه - وهو من كبار فقهاء الصحابة ينسب هذا الحكم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
والراجح قول الجماهير بلا إشكال لأن النص الذي معهم وهو حديث جابر وجَبَّار واضح جداً وهو نص بأن الجماعة إذا كانوا اثنين فيصلون خلف الإمام.
أما الجواب عن أثر ابن مسعود - رضي الله عنه - فمن ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن نقول أن هذا الحديث منسوح ولم يعلم الصحابي الجليل ابن مسعود - رضي الله عنه - بأن السنة استقرت على أن الجماعة إذا كانوا اثنين يقفون خلف الإمام. وإلى هذا الجواب ذهب البيهقي.
الوجه الثاني: أن هذا الحديث لا يصح رفعه. فإن قوله: (هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) لا يثبت وأن هذا إنما هو من فقه ابن مسعود - رضي الله عنه -. فهذا الوجه في حقيقته جواب بتضعيف الحديث المرفوع وإلى هذا ذهب ابن عبد البر رحمه الله.
الوجه الثالث: أنه - رضي الله عنه - إنما فعل ذ١لك لضيق المكان أي أنه لا يتسع لصفين.
والأجوبة كلها قوية وتصلح جواباً عن أثر ابن مسعود - رضي الله عنه - ويبقى أن الراجح هو أن الجماعة إذا كانوا اثنين فيقفون خلف الإمام.
• ثم قال رحمه الله:
ويصح معه عن يمينه أو عن جانبيه.
لما قرَّرَ المؤلف رحمه الله أن السنةأن يقف الاثنان خلف الإمام أراد أن يبين أنه يجوز أن يقفوا عن يمين الإمام أو عن يمينه وشماله.
واستدلوا على الجواز:
بحديث ابن مسعود - رضي الله عنه -.
وبأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبطل تحريمة جابر وجبار لما وقفا عن يمينه وشماله.
ويصح أن يكونوا عن يمينه وعن شماله سواء كانوا اثنين أو جماعة.
لكن قال الجماهير: يصح مع الكراهة لمخالفة ظاهر السنة.
• ثم قال رحمه الله:
لا قدّامه.
أي: لا تصح قدام الإمام.
والصلاة قدام الإمام تنقسم إلى قسمين: