فما أجبنا به عن الآية هو الجواب عن نصوص السنة العامة وهو أنه يقصد بالذهب والفضة في هذه النصوص الدراهم والدنانير التي تتخذ للإنفاق والتنمية دون الحلي فإنها لا تدخل في منطوق هذه النصوص.
ــ النوع الثاني: الأدلة الخاصة. واستدلوا بعدة أدلة:
- الدليل الأول: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي يدها مسكتان من ذهب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (أتؤدين زكاة هذين). قالت: لا. قال: (أيسرك أن يطوقك الله بهما طوقين من نار يوم القيامة).
- الدليل الثاني: حديث عائشة - رضي الله عنها - نحو حديث عمرو بن شعيب تماماً.
- الدليل الثالث: حديث أم سلمة - رضي الله عنها - وهو أيضاً نحو حديث عائشة وعمرو بن شعيب.
فإن ألفاظ هذه الأحاديث الثلاثة متقاربة.
وهذه الأحاديث الثلاثة: عمرو وعائشة وأم سلمة هي أقوى الأدلة في الباب. يوجد أدلة أخرى لكن لا نشتغل بها لضعف أسانيدها.
نبقى في هذه الأدلة التي تنص على وجوب الزكاة في الحلي.
أجاب الجمهور عن هذه الأدلة بجوابين:
ــ الجواب الأول: أن المقصود في هذه النصوص: العارية وأن هذا فهم الصحابة فإن الصحابة فهموا أن زكاة الحلي بإعارته.
ــ الجواب الثاني: أن هذه الأحاديث ضعيفة. وممن ضعف هذه الأحاديث جميعاً الحافظ الترمذي فإنه قال في السنن: ولا يصح في هذا الباب شيء. وممن ضعف هذه الأحاديث ابن حزم فإنه قال: إنه في وجوب زكاة الحلي آثار ضعيفة. فهو رحمه الله يرى وجوب الزكاة لكن مع ذلك يضعف جميع الأحاديث فهو يعتمد في الوجوب على العمومات حتى لا يشكل على الإخوان كيف يضعف الأحاديث ويقول بوجوب زكاة الحلي.
وممن أشار إلى ضعفها أيضاً الإمام الكبير الشافعي فإنه أشار إلى أنه لا يثبت في وجوب زكاة الحلي شيء.
فهؤلاء ثلاثة من الأئمة وهذه الأحاديث لا تخلو أسانيدها من ضعف ولا تخلو متونها من بعض النكارة. فكل متن من هذه المتون فيه نوع نكارة والكلام عن كل واحد من هذه الأحاديث من حيث المتن يطول جداً فإن متون هذه الآثار أعلت كل واحد منها بأكثر من وجه.