والذي يظهر والله أعلم أن هذه الأحاديث لا تثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن الجواب الثاني هو الأقرب ولا يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر تلك المرأة أو عائشة أو أم سلمة بزكاة ما عليها من حلي.
- الدليل الأخير لهم: ثبت عن ابن مسعود أنه يرى وجوب الزكاة في الحلي. ونقل عن غيره. والصواب أنه لا يثبت القول بوجوب الزكاة عن أحد من الصحابة إلا عن ابن مسعود فقط. وقد صرح بهذا عدد من الحفاظ. وابن مسعود سكن الكوفة وفقهاء الكوفة أخذوا عنه هذا القول ولذلك تجد أن أبا حنيفة وروي أحد القولين عن الثوري يرون وجوب الزكاة في الحلي لأنهم أخذوا فقه هذه المسألة عن الصحابي الفقيه الجليل الكبير ابن مسعود - رضي الله عنه -.
الراجح:
الراجح والله أعلم بالصواب: أنه لا تجب الزكاة في الحلي.
لماذا؟
أولاً: لأن المنقول عنهم من الصحابة القول بعد الوجوب فيهم امرأتان عائشة وأختها. ومن المعلوم لكل إنسان أن أكثر الناس عناية بحكم الحلي هم النساء لا سيما هذه المرأة الفقيهه العارفة الفاهمة عائشة - رضي الله عنها - فإنه يبعد جداً أن لا تعرف حكم زكاة الحلي. كيف وهي بيت النبوة وتأخذ العلم عنه - صلى الله عليه وسلم - فهذا بعيد كل البعد أن لا تعرف حكم زكاة الحلي.
أضف إلى هذا أن الغالب أن ابن عمر - رضي الله عنه - أخذ حكم هذه المسألة عن حفصة أخته - رضي الله عنها - وهي أيضاً نشأت في بيت النبوة ويبعد جداً أن لا تعرف حكم زكاة الحلي.
فإذا كان ثبت عن زوجتين من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عدم وجوب زكاة الحلي ففي الحقيقة المصير إلى قول هاتين الفقيهتين أشبه ما يكون بالمتعين.
ثانياً: أن هذا هو قول جمهور الصحابة قال الإمام أحمد - رحمه الله - عن خمسة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا تجب الزكاة في الحلي وعرفنا أن الذي نقل عنه الوجوب هو ابن مسعود فقط أما خمسة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بإثبات الإمام أحمد - رحمه الله - يرون عدم الوجوب فنستطيع أن نقول جمهور الصحابة وجمهور الأئمة يرون عدم الوجوب.