هذا القول: الذي فيه وجوب إخراج الزكاة بعد العيد = مذهب الجماهير وحكاه بعضهم إجماعاً.
لكن الذين حكوا الإجماع هم من المتأخرين فلم أر أحداً من المتقدمين - حسب ما وقفت عليه - حكى الإجماع. ولكن هذا الإجماع يدلك على أن هذا القول هو قول عامة أهل العلم.
= والقول الثاني: أنه لا يجزئ ولو أخرجها فلا قيمة لها لا أداء ولا قضاء ولا ينظر إليها وهو أيضاً اختيار الشيخين: ابن تيمية وابن القيم وتمسكوا بالحديث.
- وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ومن أخرجها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات).
واختيارهم قوي. ومذهب الجماهير أحوط. فنقول للإنسان: مهما أخرت الزكاة أخرجها لأنها كالدين في ذمتك.
وما استدل به الجمهور فقوي وهو أن هذا دين يتعلق به حق الفقراء فمهما أخر فيجب أن يخرج قياساً على زكاة المال. فإن زكاة المال لها موعد إذا أخر عنه أثم من أخره كما سيأتينا على الخلاف في تحديد هذا الموعد.
ومع ذلك نقول: مهما أخرت وأثمت وارتكبت هذا المحرم فيجب أن تخرج الزكاة فكذلك هنا نقول. مهما أخرت وأثمت فيجب أن تخرج الزكاة.
فصل
[في قدر الواجب ونوعه ومستحقه وما يتعلق بذلك]
• ثم قال - رحمه الله -:
(فصل).
المقصود بهذا الفصل بيان القدر الواجب وما يتعلق بالأجناس وما يجزئ منها وما لا يجزئ. وهو مبحث مهم جداً.
• قال - رحمه الله -:
ويجب صاع.
الصاع: مكيال معروف. والمقصود بالصاع هنا: صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أربع أمداد. فهذا هو المقصود بقول الفقهاء: يجب صاع.
• قال - رحمه الله -:
يجب صاع من بر أو شعير ..... إلى آخره ..
= ذهب الأئة الثلاثة إلى أنه لا يجزئ من جميع الأصناف إلا إخراج صاع كامل سواء كان المخرج بر أو شعير أو تمر أو إقط أو زبيب أو أي نوع مما سيأتينا.
واستدلوا على هذا:
- بقول ابن عمر - رضي الله عنه -: فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر.
- وبحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه قال: كنا نخرج الزكاة إذ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينا صاعاً من طعام أو شعير أو إقط أو زبيب أو تمر. وهذه أربعة أصناف.