إن لم نجزم كما هو مذهب الجمهور بالتحريم بسبب إنكار عمر على معاذ مع العلم أن أهل المدينة كانوا فقراء بل قد يكونوا أشد حاجة من أهل اليمن باعتبار أن أهل اليمن كانوا يأتيهم مدد من جهتين: بلد تجارة وبلد زراعة فكانوا أحسن حالاً من أهل المدينة ومع ذلك أنكر عمر - رضي الله عنه - على معاذ لما أرسل له زكاة اليمن.
الخلاصة: أنه ينبغي على الإنسان إذا لم يكن هناك مبرر شرعي واضح وحاجة ظاهرة يقدرها أهل العلم ينبغي أن لا يخرج الزكاة عن بلده.
ومن أشهر المبررات: شدة الحاجة فشدة الحاجة لا شك ولا ريب أنها مبرر فإذا كان بلد آخر يكاد أهله أن يموتوا من الجوع فليس من المنطق ولا من الأخوة أن نحصر الزكاة في بلد غني ونترك ذلك البلد الفقير لا سيما إذا كانت الزكاة تصرف فيما هو محل ضرورة كالأكل واللباس والسكن والعلاج فهذه الأمور الأربعة من أهم ما يدعم به الفقير.
•
ثم قال - رحمه الله -:
فإن فعل أجزأت.
يعني: إذا تقرر أن الإخراج محرم وأن المخرج آثم لكن إن فعل فهل تجزئ أو لا تجزئ.
= ذهب الجماهير وأكثر أهل العلم إلى أنه إن فعل أثم وأجزأت.
واستدلوا على ذلك:
- بأن هذا الرجل أخرج الزكاة لمستحقها فلا يوجد ما يدل على بطلانها.
= والقول الثاني: أنه آثم والزكاة باطلة ولا تجزئ.
واستدلوا:
- بأن هذا الرجل أخرج الزكاة في غير أهلها لأن أهلها شرعاً هم فقراء البلد.
وهذا القول - الثاني - ضعيف بل الصواب أنها تجزئ إن شاء الله لأنه لا يوجد دليل شرعي واضح يدل على البطلان إنما غاية ما تدل عليه النصوص تحريم النقل أما البطلان فلا دليل عليه ويصدق عليه أن أخرج الزكاة في أحد الأصناف الثمانية.
• ثم قال - رحمه الله -:
إلاّ أن يكون في بلد لا فقراء فيه: فيفرقها في أقرب البلاد إليه.
إذا لم يكن في البلد فقراء: تقدم معنا حكاية الإجماع على جواز إخراجها.
وقولهم: أنها في أقرب البلدان. لأنها الأولى. ولأن البلدان التي دون مسافى القصر لا يحرم إخراج الزكاة إليها عند الحنابلة.