- اتفق أهل العلم كلهم على أنه يجوز إخراج الزكاة من بلد المال إذا استغنى كل الفقراء فيها وفاض منها فائض جاز أن نخرجها إلى البلدان الأخرى وسيأتينا في كلام المؤلف أنه يخرجها حسب الأقرب فالأقرب.
إذا بقي في البلد فقراء فهذا محل خلاف بين أهل العلم:
= فذهب الأئمة الثلاثة والجماهير إلى أنه لا يجوز للإنسان أن يخرج الزكاة من بلده إلى بلد آخر ذهب إلى هذا: مالك والشافعي وأحمد.
واستدلوا:
- بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) فأمر برد الزكاة في فقراء البلد.
- والدليل الثاني: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنكر على معاذ لما أرسل له زكاة اليمن فبين له معاذ - رضي الله عنه - أنه لم يرسلها إلا بعد أن استغنى الفقراء.
= القول الثاني: للأحناف. أن إخراج الزكاة عن بلد المال مكروه فقط وترتفع الكراهة إذا أخرج المال لقريب أو لأشد حاجة أو لأكثر ورعاً. ففي هذه الثلاثة أحوال يجوز بلا كراهة وفي غير هذه الثلاثة أحوال يجوز لكن مع الكراهة.
= القول الثالث: أنه يجوز إخراج الزكاة إذا كان الإخراج لمصلحة شرعية معتبرة وهو قول لبعض الفقهاء اختاره شيخ الاسلام - رحمه الله -.
= القول الرابع: أنه يجوز إخراج الزكاة مطلقاً. وإلى هذا ذهب الإمام البخاري - رحمه الله -.
واستدل بدليلين:
- الأول: قوله تعالى: - (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ... ) -[التوبة/٦٠] يعني: في أي بلد. فالآية مطلقة عامة.
- والثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) يعني: في فقراء المسلمين كما قال - رحمه الله - لا في فقراء البلد.
والراجح: القول الثالث فإنه وسط بين الأقوال وبه تجتمع الأدلة وتدل عليه آثار الصحابة.
وفهم من هذا: أنه من الخطأ أن يتساهل الإنسان بإخراج الزكاة عن بلده بلا مبرر شرعي فإن هذا أقل ما يقال فيه أنه مكروه.