للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والفطر بالمرض محل إجماع في الجملة بين أهل العلم: للآية. - (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) -[البقرة/١٨٤] فهي نص في جواز فطر المريض.

• ثم قال - رحمه الله -:

ولمسافر يقصر.

يعني: ويسن لمسافر يقصر أن يفطر. والفطر للمسافر جائز بإجماع أهل العلم.

ويجوز له أن يصوم على الصحيح:

- لما أخرجه البخاري ومسلم عن أنس أنه قال: كنا في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر ولم يعب أحدنا على الآخر.

وينقسم الصيام في السفر إلى قسمين:

- القسم الأول: ما يترتب عليه مشقة.

فالسنة في السفر الشاق أن يفطر.

فإن صام فقد ارتكب مكروهاً أو محرماً بحسب الأذى الذي يلحق البدن من الصيام.

والدليل على هذا التفصيل:

- أولاً: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ليس من البر الصيام في السفر).

- وثانياً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفطر في سفر فقيل له إن قوماً ما زالوا صائمين فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أولئك العصاة، أولئك العصاة).

- القسم الثاني: أن لا يترتب على الصيام في السفر مشقة.

فهذا فيه خلاف بين أهل العلم:

= فذهب الحنابلة: الإمام أحمد - المذهب الإصطلاحي والشخصي - إلى أنه يسن للمسافر أن يفطر ولو لم يجد مشقة.

واستدل - رحمه الله -:

- بالنصوص السابقة وبالآثار التي نقلت عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتي تدل على كراهية الصيام في السفر ولو بلا مشقة.

= القول الثاني: للأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك والشافعي أن الصيام أفضل في السفر إذا لم يترتب عليه مشقة.

واستدل الجمهور بدليلين:

- الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سافر في يوم حار فصام هو وابن رواحة. فدل صيام النبي - صلى الله عليه وسلم - على أنه إذا لم يجد مشقة فالأفضل الصيام لأنه لا يصنع إلا الأفضل.

- الثاني: أن في الصيام في السفر إسراع في إبراء الذمة.

والجواب على حديث: (أولئك العصاة):أنه ثبت في هذا الحديث أن الصيام شق على أصحابه.

ونحن نقول: أنه إذا شق الصيام فهو مكروه أو محرم. وإنما البحث مفروض فيما إذا لم يجد مشقة.

والذي يظهر والله أعلم أن مذهب الأئمة الثلاثة أحسن وأقوى وأقرب للجمع بين النصوص.

<<  <  ج: ص:  >  >>