= القول الثاني: أن تكرير النظر وإن أدى الإنزل فإنه لا يفسد الصيام.
- لأنه ليس منه مباشرة فيقاس على من تفكر فأنزل.
والجواب: أن هناك فرق كبير بين من تفكر وبين من كرر النظر فإنه من كرر النظر قصد النظر إلى المحرم وكرر ذل على سبيل الشهوة حتى أنزل وأما من تفكر فإن التفكر يخرج عن إرادة الإنسان فهو شيء يخطر بالبال يصعب دفعه فاختلفا من هذه الجهة.
ولذلك الراجح إن شاء أن من كرر النظر وأنزل فإنه يفسد صيامه كما قلنا في المباشرة تماماً وفيمن استمنى.
وعلم من كلام المؤلف أن من نظر نظرة واحدة فأنزل: أن صيامه صحيح. لأنه قيد الذي يفسد بأن يكرر. والسبب في أن صيامه صحيح: أن النظرة الأولى: جائزة. ولا يترتب على المأذون محذور.
وتبين أيضاًَ من كلام المؤلف أن من كرر النظر فأمذى فإن صيامه صحيح حتى عند الحنابلة.
فتبين أن الحنابلة يفرقون بين المذي الذي يكون سببه المباشرة وبين المذي الذي يكون سببه تكرار النظر.
فالمذي الأول: يفسد الصيام. والمذي الثاني: لا يفسد الصيام وهذا مما يضعف القول بإفساده في مسألة المباشرة.
• ثم قال - رحمه الله -:
أو حجم أو احتجم وظهر دم.
قال: أو حجم أو احتجم. وقيد ذلك بقوله: وظهر دم.
إذا حجم أو احتجم فإن الحجامة تفسد الصيام.
= وهذا مذهب الإمام أحمد. ونصره شيخ الاسلام بن تيمية بقوة.
واستدلوا:
- بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أفطر الحاجم والمحجوم). وهو حديث صحيح فقد صححه عدد من الأئمة.
وهذا الحديث هو عمدة القائلين بإفساد الصيام بالحجامة.
وذهب إلى هذا الإمام أحمد وكثير من فقهاء أهل الحديث كإسحاق لابن راهويه - رحمه الله -.
= القول الثاني: وإليه ذهب جماهير العلماء من اليلف والخلف. أن الحجامة لا تفسد الصيام.
واستدلوا على هذا بأدلة:
- الدليل الأول: ما ثبت في صحيح البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم.
وأجاب شيخ الاسلام - رحمه الله - عن هذا الحديث: بأنه منسوخ بحديث: (أفطر الحاجم والمحجوم).
- الدليل الثاني: ما ثبت في حديث أبي سعيد الخدري أنه قال: رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحجامة. قال الداقطني: رجاله ثقات.