- الدليل الثالث: حديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر على جعفر بين أبي طالب وهو يحتج فقال: أفطر هذان يعني الحاجم والمحجوم. قال أنس: ثم رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحجامة وكان أنس يحتجم.
قال الداقطني: لا أعلم له علة.
والراجح والله أعلم: أن الحجامة لا تفطر والسبب في ترجيح هذا القول: ما ذكره ابن حزم - رحمه الله - أن قول الصحابي رخص لا يكون إلا بعد منع.
فتبين من هذا أن آخر الأمرين من النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يفطر من احتجم. وكما قلت أن لفظ الترخيص الذي جاء في حديث أنس وفي حديث أبي سعيد الخدري صريح في أن آخر الأمرين من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الحجامة لا تفطر.
أما حديث: أفطر الحاجم والمحجوم فهو صحيح لكنه يعتبر منسوخاً بهذه الأدلة.
لأنه لا نعقل من كلمة رخص إلا هذا وما ذكره ابن حزم صحيح وقوي. وهو أقوى مما ذكره شيخ الاسلام على قوة كلامه - رحمه الله - في العلة التي من أجلها يفطر الصائم إذا احتجم لكن مع وجود هذه الأحاديث الصحيحة فإنه لا مفر من القول بها ولعله بهذا ذهب إليه الجماهير من الصحابة فمن بعدهم فهم لا يرون التفطير بالحجامة.
•
ثم قال - رحمه الله -:
عامداً ذاكراً لصومه: فسد.
هذه الشروط ترجع إلى المفطرات السابقة جميعاً.
ولذلك لو أن المحقق وفقه الله جعل عامداً ذاكراً لصومه في سطر مستقل لتشمل جميع ما تقدم من المفسدات.
يشترط في الإفساد بهذه المفطرات:
١ - أن يكون الإنسان عالماً.
٢ - وأن يكون ذاكراً.
٣ - وأن يكون عامداً.
فإن اختل أحد هذه الشروط فإنه لا يبطل الصيام.
والدليل على هذا النصوص العامة والنصوص الخاصة.
- فالنصوص العامة:
كقوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا} [البقرة/٢٨٦]
وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: (عفي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).
- والنصوص الخاصة:
كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من نسي فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه).