= والقول الثاني: أنه إذا زاد على الثلاث أو بالغ في الاستنشاق ثم دخل إلى حلقه الماء فسد صومه ولو كان بغير قصد منه.
وعللوا هذا:
- بأن دخول الماء كان بسبب تعد منه للأحكام الشرعية فضمن ما ترتب على ذلك.
فإن الإنسان منهي في الوضوء أن يزيد على ثلاث ومنهي في الوضوء إذا كان صائماً عن أن يبالغ. فهو خالف الأمر وأدت هذه المخالفة
إلى دخول الماء ففسد صومه.
والراجح والله أعلم الأول. لأن كون المتوضيء يخطيء ويزيد عن الحد الشرعي فهذه مسألة يحاسب عليها وعمله محرم أو مكروه لكن مسألة أخرى وهي صيامه يبقى صحيحاً لأنه دخل الماء بغير قصد والربط بين المسألتين ليس بصحيح فيما أرى.
فنقول: زيادتك وتعديك للحكم الشرعي تأثم عليها. ومسألة دخول الماء بغير قصد لا يترتب عليه حكم فيبقى صيامك صحيحاً.
• ثم قال - رحمه الله -:
ومن أكل شاكاً في طلوع الفجر: صح صومه.
يعني: إذا شك الإنسان هل طلع الفجر أو ما زال في الليل ثم أكل فإن صيامه صحيح.
وتعليل ذلك: - أن الأصل بقاء الليل.
ومع ذلك لا يكره أن يأكل ويشرب ولا يفسد صومه. - لأن الأصل بقاء الليل وإذا كان الليل باقياً جاز للإنسان أن يأكل ويشرب بلا كراهة لقوله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} [البقرة/١٨٧] فأجاز الله سبحانه وتعالى إلى طلوع الفجر.
ولا دليل مع من قال بالكراهة إذا شك. وهذه المسألة - وهذا مما ينبغي أن تتنبه إليه - مفروضه فيما إذا لم يتبين له بعد ذلك أن الفجر طلع. فإن تبين له فهي المسألة بعد الثالية.
فنحن الآن نتكلم على شخص شك ولم يتبين له. فصيامه صحيح لأن الأصل بقاء الليل ولدلالة الآية.
• ثم قال - رحمه الله -:
لا إن أكل شاكاً في غروب الشمس.
إذا أكل وهو يشك بغروب الشمس فإن صيامه باطل عند جميع الأئمة.
- لأن الأصل بقاء النهار وعدم دخول الليل. فهو أفطر في حال لا يجوز له أن يفطر فيها.
- - فإن أكل شاكاً في غروب الشمس ثم تبين أنها قد غابت فعلاً.
فالحكم: أنه آثقم وعليه التوبة وصيامه صحيح. - لأنه حين أكل أكل متعدياً للأحكام الشرعية فهو آثم وصيامه صحيح لأنه تبين من الواقع أن عمله وافقه المشروع حيث لم يأكل إلا بعد غروب الشمس.