للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأصنام، ففتن بها، وجلب بعضها إلى مكّة، فنصبها، وأمر الناس بعبادتها وتعظيمها «١» .

ولا غرابة في أنّه مرّ في طريقه إلى الشّام من «البتراء» التي ضبطها المؤرّخون والجغرافيّون القدامى ب «بطراء» و «بطرة» ، وهي تقع الآن في جنوب المملكة الأردنية الهاشمية، وكانت القصبة العربية الصخريّة المشهورة عند اليونان والرومان، قيل: إنّه أنشأها الأنباط، وهم من أصل عربيّ، قبل آلاف من السّنين، وقد بلغوا في المدنيّة والصناعة شأوا بعيدا، وكان بينهم شعراء وأطباء وتجار كبار، وكانوا يرحلون إلى مصر والشام وبلاد الفرات وروما، ويجوز أنّهم كانوا يمرّون بالحجاز في طريقهم إلى وادي الفرات، وكانوا مع ذلك منغمسين في الوثنيّة السافرة، ينحتون الأصنام ويعبدونها،


(١) سيرة ابن هشام ق ١، ص ٧٦- ٧٧، وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار، كان أول من سيّب السوائب» ؛ [أخرجه البخاري في كتاب التفسير، برقم (٤٦٢٣) ، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (٩٠١) ، وأحمد في مسنده (٢/ ٢٧٥) ] . وفي حديث رواه محمد بن إسحاق؛ أنه كان أول من غير دين إسماعيل؛ فنصب الأوثان، وبحر البحيرة، وسيب السائبة، ووصل الوصيلة، وحمى الحامي، (راجع «السيرة النبوية» لابن كثير؛ ج ١ ص ٦٤- ٦٥) . وممّا تحقق من متابعة كتب التاريخ أن جدّ عمرو بن لحي لأمه كان آخر ولاة مكة، وقد آلت هذه التولية إلى عمرو بن لحي، وقد أبدى الأزرقي ما كان يتمتع به من شأن وفخامة (ص ٤٩ ١٣٣) ، وقد بلغ من المجد شأوا لم يبلغه أحد قبله في الجاهلية، وهو أول من غيّر دين إسماعيل ودعا إلى الوثنية السافرة (جمهرة أنساب العرب، ص ٢٣٥) ، وهو أول من أحدث تغييرا في مناسك الحج. ويبدو من متابعة المصادر التاريخية أنه سبق ظهور الإسلام بأربعة قرون ونصف. (ملخص البحث الذي جاء في دائرة المعارف الإسلامية، الصادرة من «دانش كاه بنجاب» لاهور، مجلد ١٤/ ٣ ص ٢٦٣- ٢٦٥) .

<<  <   >  >>