للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شريف، وتربية نفسية، وترويض على العطف على الضعفاء، وسياسة للأوابد، واستنشاق للهواء النقيّ الصّافي، وتقوية للجسم، وفوق ذلك كلّه إنّه اتباع لسنّة الأنبياء، فقد روي عنه أنّه قال بعد النبوّة: «ما من نبيّ إلّا وقد رعى الغنم» قيل: وأنت يا رسول الله؟!، قال: «وأنا» .

وقد رعى الغنم في بني سعد مع إخوته من الرضاعة، فلم يكن بعيدا عنه ولا جاهلا له، وقد ثبت في (الصّحاح «١» ) أنّه كان يرعى الغنم في مكة على قراريط «٢» يأخذها من أهلها.

زواجه- صلى الله عليه وسلم- من خديجة:

ولمّا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة، تزوج خديجة بنت خويلد، وهي من سيّدات قريش، وفضليات النساء، رجاحة عقل، وكرم أخلاق، وسعة مال، وكانت أرملة، توفّي زوجها أبو هالة، وكانت إذ ذاك في الأربعين من سنّها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الخامسة والعشرين من عمره «٣» .

وكانت خديجة امرأة تاجرة، تستأجر الرّجال في مالها، وتضاربهم بشيء


(١) [أخرجه البخاري في كتاب الإجارة، باب رعي الغنم على قراريط، برقم (٢٢٦٢) ، وابن ماجه في أبواب التجارات، باب الصناعات برقم (٢١٤٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه] .
(٢) قد جاء في (سيرة النبي) - الجزء الأول- للعلامة شبلي النّعماني: «قد اختلف العلماء في معنى كلمة (قراريط) ، فذهب شيخ ابن ماجه سويد بن سعيد إلى أنها جمع قيراط وهو جزء من الدرهم أو الدينار؛ وعلى ذلك فمعنى الحديث عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرعى الغنم على الأجرة، ومن هنالك ساقه البخاري في باب الإجارة. وذهب إبراهيم الحربي إلى أنه اسم مكان بعينه قرب أجياد؛ وقد رجحه ابن الجوزي، وأكد صحة رأيه العلامة العيني بدلائل قوية راجحة، وإليه مال صاحب (نور النبراس) بعد بحث مطول مفصل» .
(٣) راجع «سيرة ابن هشام» : ج ١، ص ١٨٧- ١٩٠، و «سيرة ابن كثير» ، ج ١ ص ٢٦٢- ٢٦٥.

<<  <   >  >>