للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنّه يعنيهم، فبادر سعد بن معاذ، فقال: يا رسول الله! كأنّك تعرض بنا، لعلّك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقا عليها ألا تنصرك إلّا في ديارهم، إنّي أقول عن الأنصار، وأجيب عنهم، فاظعن حيث شئت، وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذت منّا كان أحبّ إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمر، فأمرنا تبع لأمرك، فو الله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان «١» ، لنسيرنّ معك، والله لئن استعرضت بنا هذا البحر خضناه معك.

وقال له المقداد: لا نقول لك كما قال قوم موسى لموسى: «اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون» ولكنّا نقاتل عن يمينك وعن شمالك، ومن بين يديك، ومن خلفك.

فلمّا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أشرق وجهه، وسرّ بما سمع من أصحابه، وقال: «سيروا، وأبشروا» «٢» .

[تنافس الغلمان في الجهاد والشهادة:]

ولمّا توجّه المسلمون إلى بدر، خرج غلام اسمه عمير بن أبي وقّاص، وهو في السادسة عشرة من سنّه، وكان يخاف ألا يقبله النبيّ صلى الله عليه وسلم لأنّه صغير، فكان يجتهد ألا يراه أحد، وكان يتوارى، وسأله أخوه الأكبر: سعد بن أبي وقّاص، عن ذلك فقال: أخاف أن يردّني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنّا أحبّ


(١) غمدان بضم أوّله، وسكون ثانيه، قصر بصنعاء باليمن كان منزل الملوك (مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع) . [والذي في صحيح مسلم: برك الغماد] .
(٢) زاد المعاد: ج ١، ص ٣٤٢- ٣٤٣، وسيرة ابن هشام: ج ١؛ ص ٦١٤؛ ورواه البخاري مختصرا في [كتاب المغازي] باب قوله: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ [الأنفال: ٩] [برقم (٣٩٥٢) ] ، ومسلم [في كتاب الجهاد] في باب «غزوة بدر» برقم [١٧٧٩] .

<<  <   >  >>