للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفسه، فبكى، وقال: بل نحن نفديك بأنفسنا وأبنائنا.

فقال: «على رسلك يا أبا بكر! إنّه ليس من الناس أحد أمنّ عليّ في نفسه وماله من أبي بكر، ولو كنت متّخذا من الناس خليلا لا تّخذت أبا بكر خليلا، ولكن خلّة الإسلام أفضل» «١» .

وقال: «سدّوا عنّي كلّ خوخة «٢» في المسجد، غير خوخة أبي بكر» «٣» .

[وصية الأنصار:]

وكان أبو بكر والعباس- رضي الله عنهما- مرّا بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون، فقال: ما يبكيكم؟ قالوا: ذكرنا مجلس النّبي صلى الله عليه وسلم منا، وأخبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك، فخرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقد عصب على رأسه حاشية برد، فصعد المنبر «٤» ولم يصعده بعد ذلك اليوم، فحمد الله، ثمّ أثنى عليه، ثمّ قال:

«أوصيكم بالأنصار فإنّهم كرشي وعيبتي «٥» ، وقد قضوا الذي عليهم،


(١) أخرجه البخاري [في كتاب الصلاة] باب: الخوخة والممر في الصلاة، [برقم (٤٦٦) ، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، برقم (٢٣٨٢) ، والترمذي في أبواب المناقب، باب مناقب أبي بكر رضي الله عنه..، برقم (٣٦٦١) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه] .
(٢) [الخوخة: باب صغير، كالنّافذة الكبيرة، وتكون بين بيتين ينصب عليها باب] .
(٣) صحيح البخاري: كتاب الصلاة، باب الخوخة والممر في الصلاة [قد سبق تخريجه آنفا من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه] .
(٤) المرجّح أنّ هذه الخطبة الأخيرة كانت يوم الخميس بعد صلاة الظهر، لأن راوي الحديث وهو أنس بن مالك قال: «صعد المنبر، ولم يصعده بعد ذلك اليوم، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهل له» .
(٥) [قوله صلى الله عليه وسلم: «الأنصار كرشي وعيبتي» أراد أنّهم بطانته وموضع سرّه وأمانته، والذين يعتمد عليهم في أموره، واستعار الكرش والعيبة لذلك؛ لأنّ المجترّ يجمع علفه في-

<<  <   >  >>