للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمّا مصر- إحدى ولايات الدّولة البيزنطية الغنيّة- فكانت عرضة لاضطهاد دينيّ فظيع، واستبداد سياسيّ شنيع، وكان البؤس والشقاء ممّا كانت تعانيه مصر، التي كانت مصدرا كبيرا لرخاء الدولة وغناها، وقد اتخذها الروم شاة حلوبا يحسنون حلبها، ويسيئون علفها «١» .

أما سورية- ولاية الإمبراطورية البيزنطيّة الآخرى- فكانت مطيّة المطامع الرومانيّة، وكان الحكم حكم الغرباء الذي لا يعتمد إلّا على القوّة، ولا يشعر بشيء من العطف على الشعب المحكوم، وكثيرا ما كان السّوريّون يبيعون أبناءهم ليوفّوا ما كانت عليهم من ديون، وقد كثرت المظالم والسخرات والرقيق «٢» .

٢- الإمبراطورية الإيرانية السّاسانية «٣» :

كانت الزّردشتية- وهي التي خلّفت المزدائية- ديانة إيران القديمة، ومن


(١) فتح العرب لمصر: لمؤلفه «الفردبتلر» ، و «تاريخ العالم للمؤرخين» : ج ٧.
(٢) اقرأ للتفصيل «خطط الشام» للأستاذ كردعلي: ج ١، ص ١٠١.
(٣) كانت أعظم من الإمبراطورية الرومانية الشرقية- بعد انشقاقها عن الإمبراطورية الرومانية الكبرى- مساحة وأبهة وثروة؛ وقد تأسست على يد «أردشير» في سنة ٢٢٤ م، وكانت تحكم حين بلغت أوجها: أسبرته، وخوزستان، وميديه، وفارس، وأذربيجان، وطبرستان، وسرخس، وجرجان، وكرمان، ومرو؛ وبلخ، وصغد، وسيستان، وهراة، وخراسان، وخوارزم، والعراق، واليمن من الجزيرة العربية، وقد دخلت بعض ولايات الهند مثل كجه، وكاتتيهاوار، ومالوه، في حكمها في بعض الفترات، وقد اتسعت هذه الإمبراطورية اتساعا كبيرا منذ القرن الرابع المسيحي، وقد أوغلت في الشمال والشرق وبلغت أقصى حدودهما. وقد كانت طيسيفون (المدائن) عاصمة الإمبراطورية، ومقر الإمبراطور الإيراني، وكانت مجموع مدائن كما يبدو من اسمها العربي، وقد بلغت أوجها في الرقي والمدنية والبذخ؛ في القرن الخامس إلى ما بعد (راجع للتفصيل «إيران في عهد الساسانيين» للبروفيسور آرتهر كرستن سين) .

<<  <   >  >>