للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفارس المشهور، يرتجز فاختلفا ضربتين، فبدره عليّ بضربة، ففلق مغفره ورأسه، ووقع في الأضراس، وكان الفتح «١» .

وكانت لمحمد بن مسلمة مواقف بطولية في هذه المعركة، وأبلى فيها بلاء حسنا، وقتل بعض كبار الفرسان والأبطال من اليهود.

[عمل قليلا وأجر كثيرا:]

وجاء عبد أسود حبشيّ من أهل خيبر، كان في غنم لسيّده، فلمّا رأى أهل خيبر قد أخذوا السلاح، سألهم: ما تريدون؟ قالوا: نقاتل هذا الذي يزعم أنّه نبيّ، فوقع في نفسه ذكر النبيّ، فأقبل بغنمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ماذا تقول؟ وما تدعو إليه؟ قال: أدعو إلى الإسلام، وأن تشهد أن لا إله إلا الله وأنّي رسول الله، وألا تعبد إلا الله، قال العبد: فما لي إن شهدت وآمنت بالله عزّ وجلّ، قال: «لك الجنّة إن متّ على ذلك» .

فأسلم ثمّ قال: يا نبيّ الله! إنّ هذه الغنم عندي أمانة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرجها من عندك وارمها ب «الحصباء» «٢» فإنّ الله سيؤدّي عنك أمانتك، ففعل، فرجعت الغنم إلى سيّدها، فعلم اليهوديّ أنّ غلامه قد أسلم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فوعظهم، وحضّهم على الجهاد، فلمّا التقى المسلمون واليهود قتل- فيمن قتل- العبد الأسود، واحتمله


(١) اختلفت الروايات في تعيين هذا الحصن الذي فتحه علي، والذي يرجح أنه كان حصن القموص؛ لأن هذا الحصن كان مركز مرحب الفارس اليهودي المشهور، وقد جاء في سيرة ابن هشام أن الذي قتل «مرحب» هو محمد بن مسلمة (ق ٢، ص ٣٣٣- ٣٣٤) والمشهور أن الذي قتله هو علي بن أبي طالب (الطبري ص ١٥٧٩) وقد جاء ذلك مصرحا في رواية مسلم، وجاءت فيه الأبيات التي ارتجز بها علي، والذي يرويه مسلم بسنده أولى بالاعتماد والترجيح (راجع صحيح مسلم [رقم (١٨٠٧) ] كتاب الجهاد والسير) .
(٢) [الحصباء: هو الحصى الصغيرة] .

<<  <   >  >>