للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قائمة بعد ذلك، وكانت شبيهة بما وقع يوم أحد حين طار في الناس أن النّبي صلى الله عليه وسلم قد قتل، وانحسر عنه المسلمون.

[شماتة الأعداء وتزلزل ضعاف الإيمان:]

ولمّا رأى من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جفاة أهل مكّة، والذين لمّا يدخل الإيمان في قلوبهم، هذه الهزيمة، تكلّم رجال منهم بما في أنفسهم من الضّغن، فقال بعضهم: «لا تنتهي هزيمتهم دون البحر» ، وقال بعضهم:

«ألا بطل السحر اليوم» «١» .

[الفتح والسكينة:]

ولمّا تمّ ما أراد الله من تأديب المسلمين الذين أعجبتهم الكثرة، وأذاقهم الله مرارة الهزيمة بعد حلاوة الفتح، ليقوّي إيمانهم، فلا يبطرهم الفتح، ولا تؤيسهم الهزيمة، ردّ لهم الكرّة على الأعداء، وأنزل السكينة على رسوله وعلى المؤمنين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا في موقفه، على بغلته الشهباء، غير وجل ولا هيّاب، وقد بقي معه نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته، والعباس بن عبد المطلب آخذ بحكمة بغلته، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [من مجزوء الرجز]

أنا النبيّ لا كذب ... أنا ابن عبد المطّلب «٢»


(١) سيرة ابن هشام: ج ٢، ص ٤٤٢- ٤٤٤ مختصرا.
(٢) أخرجه البخاري [في كتاب المغازي] باب قول الله تعالى: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ برقم (٤٣١٥) ] وفيه أنّ أبا سفيان بن الحارث أخذ بغلته البيضاء. وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين، [برقم (١٧٧٦) ، والترمذي في أبواب الجهاد، باب ما جاء في الثبات عند القتال، برقم (١٦٨٨) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما] ، وراجع للتفصيل «سيرة ابن هشام» (ج: ٢/ ص ٤٤٤- ٤٤٥) .

<<  <   >  >>