الحقيقة التي لا مراء فيها أنّ هذا الدور الذي نعيشه، وما يليه من الأدوار التاريخيّة القادمة، كلّها في حساب البعثة المحمديّة، ودعوته العامّة الخالدة، وجهوده المشكورة المثمرة، لأنّه رفع- أولا- هذا السيف المصلت على رقاب الإنسانيّة الذي كاد يقضي عليها، ثمّ أغناها بمنح غالية ومعطيات خالدة، وهدايا طريفة جديدة، بعث فيها الحيويّة والنشاط، والهمّة والطموح، والعزة والكرامة، والهدف الصحيح، والغاية النبيلة، واستهلّ بفضل هذه المنح والمعطيات- عهد جديد من السموّ الإنسانيّ، والثقافة والمدنيّة، والربانيّة والإخلاص، وإنشاء الإنسان وتكوينه الخلقيّ والاجتماعيّ.
منح البعثة المحمديّة الستة، وأثرها في تاريخ الإنسان:
ونذكر الآن- على سبيل المثال لا الحصر- ستة من معطياته الهامّة، ومنحه الأساسيّة الغالية التي كان لها الدور الأكبر في توجيه النوع البشريّ، وإصلاحه وإرشاده، ونهضته وازدهاره والتي خلقت عالما مشرقا جديدا لا يشبه العالم الشاحب القديم في شيء.
١- عقيدة التوحيد النقية الواضحة:
مأثرته الأولى صلى الله عليه وسلم أنّه منح الإنسانية عقيدة التوحيد الصافية الغالية: فهي عقيدة ثائرة معجزة، متدفّقة بالقوة والحياة، مقلبة للأوضاع، مدمرة للآلهة الباطلة، لم تنل ولن تنال الإنسانيّة مثلها إلى يوم القيامة.